المرأة إنسان
المرأة إنسان
مع تطوُّر حرية الإعلام أصبحنا نقرأ قصصًا عجيبة عن جرائم الشرف، مع أن وجود الدولة والنظام والأمن لا بد أن يمنع أي فرد من مهمَّة معاقبة أحد أفراد أسرته لمظنَّة خطئه! فالبعض يقتل أخته بسبب عملها فقط في التدريس والبعض يطلق عليها الرصاص لأنها ارتكبت ذنبًا، ملتفتين إلى منهج “اقتلها واغسل عارك!”.
بينما ترى الشاب يعبث في علاقات سيئة مع النساء ويعيش حياته بكل ما يحلو له ويمشي وراء هواه، فلماذا ما زلنا نعيش في هذا التناقض والمرض الاجتماعي؟ولماذا لا يغفر الناس أخطاء البنات مثلما يغفرون أخطاء الأولاد؟
فما زال المجتمع لا يقبل توبة المرأة بعد ممارستها لأي خطأ ويعتبون عليها حتى بعد ندمها واستغفارها إلى أن ينتهي بها الأمر إلى المرض النفسي أو الهروب من المنزل! هذا لأننا نتعامل مع المرأة كخطيئة وليست كبشر يذنب ثم يستغفر.
إن مشكلات الفتيات في جانب العلاقات المحرمة أو التعاطي أو التدخين وغيرها، تلزمنا أن نخصِّص مرشدات مختصَّات في علم النفس في كل جامعة ومدرسة للتعامل بحكمة مع الموقف واكتشاف أي اضطراب لدى الفتيات ومعالجة الأمور.
هذا وقد أصبحت الإنترنت في وقتنا الحالي فضاءً واسعًا تعبر فيه المرأة عن ذاتها وتنفِّس عن مكنوناتها هربًا من الواقع القهري، وقد سمعنا بقصص مريبة وموحشة، مثل وفاة فتاة لأن حارس الأمن رفض دخول المسعفين إليها في مؤسستها التعليمية! فهل يُعقل أن تكون أرواح الناس لعبة بأيدي حراس الأمن أو المدراء؟ لقد منعت الفتاة من حقها في الإسعاف في الوقت المناسب إلى أن وصل بها الألم حدَّ الموت!
إن المرأة كيان له حقوق واضحة، فهي إنسان قبل أن تكون أنثى، وهي ليست غبية أو ضعيفة، بل تملك إنجازات وإبداعات في جميع المجالات، ولا يحق لأي شخص أن يحطَّ من قدرها، لا سيما إذا كانت مطلقة مثلًا، فما زال البعض ينظر إلى المرأة المطلَّقة على أنها مسكينة ومنكسرة، بينما تجعل بعض النساء من طلاقهنَّ نقطة بداية لحياة جديدة ورائعة.
الفكرة من كتاب الدنيا… امرأة!
على الرغم من أن الإسلام كرَّم المرأة وحفظ لها حقوقها، فما زال البعض يُعامل المرأة على أنها كائن لا يحق له التحرُّك والظهور برأيه وكيانه، بل ويعتبرون قضيتها موضعًا للنزاعات والحروب، وكأنها سلعة فكرية! بينما المرأة هي الأم والأخت والابنة والقريبة والجارة؛ إنها مصدر العطاء والحنان، وقد علمنا بتحريم الإسلام لوأدها الجسدي، فهل جئنا الآن بالوأد المعنوي لنقهرها؟
مؤلف كتاب الدنيا… امرأة!
تركي الدخيل: دبلوماسي، يعمل في مجال الإعلام والصحافة، ويشغل منصب سفير المملكة العربية السعودية لدى الإمارات العربية المتحدة، صدر تعيينه بأمر ملكي في 10 فبراير 2019، وقد تلقَّى تعليمه الجامعي في جامعة الإمام محمد بن سعود، من أبرز مؤلفاته: “كيف تربح المال بأقل مجهود”، “سعوديون في أميركا”، “ذكريات سمين سابق”.