المخيخ هو ما يحركني!
المخيخ هو ما يحركني!
“من نملة إلى نملة ومن زهرة إلى زهرة ومن عصفور إلى عصفور”، هكذا ودَّع المعلم أوكاماتو تلميذته آيا احتفالًا بتخرجها وانتقالها إلى المرحلة الثانوية، وهي كلمات من أغنية معناها “من نملة إلى نملة تعني التحلي بالصراحة والوضوح، وتعني أيضًا أن هناك أشياء مثل الزهور يسميها البشر زهورًا وعصافير تطير يسميها البشر عصافير”، نعم لم تفهم آيا أيضًا المعنى، إلا أنه يبدو أن أوكاماتو كان يشجِّعها بشكل ما.
بعد قبولها في المدرسة الخاصة، وبعد تطوُّر الأعراض عليها التي كان منها الاختناق عند الأكل أو الشرب والضحك مع النفس بلا سبب كان عليها أن تجري فحصًا آخر حتى تعرف بالضبط ما الذي تعانيه، إلا أن المدة طالت واضطرت إلى البقاء في المستشفى خلال العطلة الصيفية ولم تستطع والدتها زيارتها سوى يوم الأحد فقط.
كان عليها أن تجري الكثير من الفحوصات، وأن تتناول العديد من الأدوية، وأن تتحمَّل اعتداءات الأطباء التي لا تفهمها، وأن تنتظر مجيء والدتها وأقاربها كل يوم أحد، وأن تتحمَّل جسدها الضعيف الذي لا يسعفها، إضافةً إلى عملية التأهيل الجسدي، ومع اقتراب وقت خروجها من المستشفى اكتشفت طبيعة مرضها، حيث إن خلايا المخيخ تقوم بالسيطرة على جسدها فيما يسمى بمرض ضمور خلايا المخيخ والحبل الشوكي، ما يعوق تحكُّمها وحركتها، فأصبحت تتحرَّك بشكل يشبه حركة الروبوت الآلي!
بعد خروجها من المستشفى كان عليها أن تتعامل مع مرضها في مكان آخر، في المدرسة ذهابًا وإيابًا داخلها وخارجها، تعرَّضت لكثير من المتاعب والتأخُّر عن الحصص الدراسية لصعوبة الانتقال من فصل إلى فصل، وتحمل أهلها تكلفة سيارات الأجرة التي توصلها إلى المدرسة، وانتهى الأمر بها مرة إلى فقدانها ثلاثًا من أسنانها الأمامية إثر سقوطها واصطدامها بالأسفلت.
تقضي آيا معظم وقتها وحاجتها في الاعتذار من أصدقائها أو أهلها، وبدأت تنتابها نوبات الحزن والضيق، كما أن البكاء أصبح رفيقها وصديقها الملازم لها، وأي وسيلة لتخفيف الشعور بالحزن والضيق كحضور ماراثون ركض أو المشاركة في الأعمال المدرسية مثلًا كان يزيد الأمر سوءًا.
الفكرة من كتاب لتر من الدموع: نضال شابة للحياة “مذكرات آيا”
ضمور المخيخ والحبل الشوكي، مرض يُفقِد الجسد القدرة على الحركة تدريجيًّا، وعلى الرغم من ذلك فقد قاومت آيا كيتو كثيرًا، وكانت استثناءً لكل من حولها وكتبت مذكراتها تفصيلًا منذ لحظة إصابتها كجزء من المساعدة على التشافي، نعم الكتابة تساعد كثيرًا على تصحيح الأخطاء وتغيير الطباع والخروج من الاكتئاب والحزن.
وجاءت فكرة نشر هذه المذكرات من والدتها لتهديها شيئًا تتمسَّك به وتقاتل المرض من أجله.
مؤلف كتاب لتر من الدموع: نضال شابة للحياة “مذكرات آيا”
آيا كيتو: فتاة يابانية ولدت في التاسع عشر من يوليو عام 1962 وتوفِّيَت في الثالث والعشرين من مايو عام 1988، ألَّفت مذكِّراتها منذ إصابتها بمرض في سن الخامسة عشرة حتى تُوفِّيَت وهي في سن الخامسة والعشرين، وقد حُوِّلت مذكِّراتها هذه فيما بعد إلى عمل تلفزيوني.
معلومات عن المترجم:
الدار العربية للعلوم (ناشرون): قام بتأسيسها الإخوة شبارو في بيروت عام 1986 تقوم بنشر العلوم الحديثة باللغة العربية، وخصوصًا علوم التقنيات الحديثة والتطبيقات العملية للعلوم في حياتنا المعاصرة، وتضمُّ قائمة منشوراتها أكثر من 3000 كتاب تقريبًا تغطي المواضيع التالية: الكمبيوتر والإنترنت والبرمجة، والعلوم الطبيعية والاختراعات العلمية، والإدارة والمهارات الإدارية، والصحة والرشاقة والعناية بالطفل والأسرة، والناشئة، والطبخ العربي والعالمي، والديكور والتجميل المنزلي، والسفر والرحلات، والرياضة، ومواضيع أخرى عديدة.