المحركات الجزيئية
المحركات الجزيئية
إن الأهمية البيولوجية للبروتينات الحركية التي تخلق الحركة كبيرة لدرجة لا يمكن حصرها، فلولاها لما استطعنا تحريك عضلة واحدة، ولا استطاعت الطيور أن تُحلِّق في السماء، وأسوأ من هذا أن الخلايا لن يمكنها الانقسام، ومن ثمَّ فلن يكون هناك تكاثر، فمن دون الجزيئات التي تدفع الحركة لن تكون هناك حياة!
فالمحرِّك الجزيئي الذي يَدفع هذه الحركات هو بروتين يسمى الداينين، والذي يحول الطاقة الكيميائية المخزَّنة في جزيئات الـATP إلى جهد ميكانيكي، أما المُحرِّك كينيزين فهو يمثِّل رجل البريد للخلية، فيرسل البروتينات من نقطة تصنيعها إلى أجزاء الخلية التي تحتاج إليها، فتتم تعبئتها داخل كرات غشائية صغيرة تسمَّى “حويصلات النقل”، ويحمل الكينيزين إحدى حويصلات النقل على طول الشبكة الأنيبيبية الدقيقة داخل الأهداب، وصولًا إلى العنوان الصحيح.
أما بالنسبة إلى الانقباضات والارتخاءات العضلية التي تمنحنا القدرة على المشي، فالعضلة الهيكلية تتكوَّن من لُيَيْفات عضلية وهي حزم داخل حزم داخل حزم، تكوِّن الخلايا العضلية المنفردة شديدةَ الاستطالة وتحوي كابلات كثيرة الخيوط، وسنجد أنها مميَّزة بعلامات فاتحة وداكنة متفاوتة العرض، وتكسب هذه الأشرطة العضلة الهيكلية مظهرًا مخطَّطًا، ولهذا السبب تعرف أيضًا بالعضلة المخطَّطة، ويوضح المؤلف أن العلماء لاحظوا أن “هذه الأشرطة تغيِّر عرضها عند انقباض العضلة، وافترضوا نظرية الشعيرة المنزلقة للحركة العضلية، وكانت فكرتهم أن اللُّيَيْفة العضلية تحتوي على تراكيب تشبه فرشاة الأسنان حيث يواجه بعضها بعضًا، وقد افترضوا أن اللُّيَيْفة العضلية تَقصُر- ومن ثم تنقبض العضلة- عن طريق حدوث تداخل بيني أعمق لشعرات القسيمة العضلية”.
وهذه الحركة للشعيرات بعضها فوق بعض يدفعها البروتين الحركي المسمَّى “الميوسين”، ومن بين حزم الميوسين تبرز شعيرات من بروتين يسمَّى الأكتين، وهذا البروتين كروي الشكل، ولكن الكريات ترتبط معًا لتشكِّل سلسلة مثل خرزات العقد، وتلتفُّ سلسلتان من خرزات الأكتين إحداهما حول الأخرى في شكل لولبي مزدوج، ثم يُرصِّع العقد بخيوط من البروتين المسمَّى “تروبوميوسين”، والتي تلتفُّ على طول شعيرة الأكتين، ويستقر عند مسافات منتظمة بروتين كروي يسمَّى “التروبونين”، وتنقبض العضلة حين تلصق رؤوس الميوسين بشعيرات الأكتين، ثم تجذب نفسها على طولها، إذ يتم توليد الحركة بحدوث تغيير في شكل البروتين الحركي الملتصق تدفعه عملية تفكُّك ATP إلى ADP.
الفكرة من كتاب الجزيئات.. مقدِّمة قصيرة جدًّا
قد يكون من التعقيد أن تبحث في ماهية الجزيئات إذا أردتَ أن تبدأ سُلَّم العلم من درجة أكثر عمقًا ثم تصعد إلى أعلى، فتسعى إلى فَهم الأسباب الكامنة وراء سلوك الجزيئات، ومن ثمَّ أسباب إظهار المادة لتلك السلسلة المميَّزة من الخصائص، وكيفية تفاعل الجزيئات فيما بينها، يأخذك هذا الكتاب في رحلةٍ مُبسَّطة في رحاب هذا العلم المُمتع.
مؤلف كتاب الجزيئات.. مقدِّمة قصيرة جدًّا
فيليب بول Philip Ball: كاتِب علمي ومحررٌ استشاريٌّ ومقدم برامج تليفزيونية وإذاعية، وُلِد سنة 1962، حصل على شهادة في الكيمياء من جامعة أكسفورد، ودكتوراه في الفيزياء من جامعة بريستول، كما أنه كان محررًا لمجلة Nature لأكثر من 10 سنوات، يدرس مجموعة واسعة من المواضيع بما في ذلك دورة الأعمال، والمشي العشوائي، وقانون Zipf، ظاهرة العالم الصغير، والكتاب الأكثر شعبية له هو “الكتلة الحرجة: كيف تؤدي أحد الأشياء إلى الأخرى”، الحائز على جائزة Aventis لعام 2005 لكتب العلوم.
ومن أبرز مؤلفاته:
قصة الماء.
تصميم العالَم الجزيئي.
العناصر: مقدمة قصيرة جدًّا.