المحبَّة الصادقة لله عز وجل
المحبَّة الصادقة لله عز وجل
كلما تعرَّف العبد على مظاهر حب ربه له، وسيطرت هذه المعرفة على مشاعره انعكس ذلك على علاقته به سبحانه فيزداد له حبًّا وشوقًا، فالحب يُخرج من القلب معانيَ للعبودية لا يخرجها غيره، وفي ذلك يقول ابن تيمية: “فمن لا يحب الشيء لا يمكن أن يحب التقرب إليه، إذ إن التقرب إليه وسيلة، ومحبة الوسيلة تابعة لمحبة المقصود”.
فالمحبة أصل كل عمل ديني، فالخوف والرجاء يستلزمان المحبة ويرجعان إليها، فإن الراجي الطامع إنما يطمع فيما يحبه لا فيما يبغضه، والخائف يفر من المخوف لينال المحبة، فإذا أحبَّ العبد ربّه دفعه هذا الحب للرضا بقضائه، فهو يوقن أن ربه لا يريد له إلا الخير، فالأقدار المؤلمة والبلايا ما هي إلا أدوات تذكير يُذكِّر الله بها عباده بحقيقة وجودهم في الدنيا وأنها ليست دار مقام بل دار امتحان، وبهذه البلايا تُغفر الذنوب.
والعبد المُحب لربِّه يتلذَّذ بعبادته ويسارع إليها، فالمحب يقبل على محبوبه بسعادة، ويطيع أوامره برضا، لا يحركه لتلك الطاعة الخوف من عقوبة عدم أدائه للعمل، فيسارع إلى ربِّه مُعلنًا: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾، فهو مشتاق يغتنم كل لحظة ليذكر ربه ويناجيه، قادر على التضحية من أجله ويجاهد في سبيله، ويرجو ويطمع فيما عند ربِّه، ويستحي من معصيته، فإذا ما وقع في معصية أو تقصير سارع بالاعتذار إليه واسترضائه بشتى الطرق، ويسعى جاهدًا لتحبيب الخلق إلى ربهم، ولا يرتاح له بال حتى يُعيد الشاردين إلى ربهم، كما أنه يغار لمولاه، وعلى محارمه أن تنتهك، وحدوده أن تُتجاوَز، وأوامره أن تخالف.
الفكرة من كتاب كيف نحب الله ونشتاق إليه؟
إن الحب جزء أصيل من مشاعر الإنسان، وهو معاملة قلبية يشعر من خلالها المرء بميله وانجذابه إلى الآخر، ومع وجود قدر من حب الله في القلب إلا أن هناك شواغل تشوِّش عليه وتنازعه المكان مثل حب المال والزوجة والأولاد وغير ذلك، وليس المعنى هو تجريد مشاعر الحب من هذه الأمور، بل المطلوب أن يكون حب الله أكبر منها جميعًا، وإن من أعظم الوسائل لزيادة محبة الله في قلوبنا هو معرفته معرفة مؤثِّرة، لذا يسير بنا الكاتب في رحلة عن أهمية المحبة وثمارها ونقطة البداية لرحلة المحبة مع ذكر بعض الوسائل العملية التي من شأنها أن تسير بالإنسان قُدمًا في طريق حب الله (عز وجل).
مؤلف كتاب كيف نحب الله ونشتاق إليه؟
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية، التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم”، و”حطِّم صنمك”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به”، و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.