المجتمع وتأثيره في السلوك
المجتمع وتأثيره في السلوك
إن أوَّل ما يصل إلى ذهن القارئ حين يربط بين الأمراض النفسية والمجتمع هي العلاقات الاجتماعية للإنسان وصِلاته بالآخرين فقط، وليس الأمر كما يبدو على ظاهره، فكل ما يحدث في المجتمع سواء في حركته وتطوُّره وقيمه يتأثَّر الإنسان به.
لكن لنلقِ نظرة على العلاقات في البداية تحت مظلَّة الشرع، فلطالما حثَّ صاحب الشريعة على تحويل العلاقات الفردية الأنانية إلى علاقات شمولية وأكثر اتصالًا بالآخرين فيخرج المسلم من (الأنا) إلى محيطه الاجتماعي ويتفاعل معه في علاقة متبادلة، ومن مظاهر هذه العلاقات الحب والخوف على مصالح الناس كالمصلحة الفردية والعدل والأمانة والصدق وعدم الغش.
وبطبيعة الحال وجود المجتمع في حالة من الاضطراب والتناقض بين عالم المادة وعالم القيم، والتضارب بين الدين والعلمانية وبين المذاهب والأفكار، من شأنه أن يدفع الإنسان إلى الشخصية الانفصامية والهوَّة العميقة بين المبادئ والقناعات وتطبيقها.
من أشهر الأمراض الاجتماعية التي تؤثر في السلوك؛ الحرمان الاقتصادي في المأكل والمشرب والملبس وما ينتج عن ذلك من عدم تلبية الحاجات الأساسية للإنسان، ومن ثم يصبح مهمومًا تعيسًا طوال الوقت سارح التفكير في حاضره ومستقبله، ولعلَّك تدرك أن الحرمان والاحتياج لا يتوافقان مطلقًا مع السواء النفسي، بل يؤديان إلى نقيضه ويقودان الإنسان إلى طريق الشذوذ السلوكي.
وعلى النقيض تمامًا من حالة الحرمان هناك طفرة اقتصادية سريعة تحدث للفرد، ألا وهي انتقاله من مستوى معيشة متدنٍّ إلى مستوى مرتفع في زمن يسير، فإن ذلك من شأنه أن يؤثر في طريقة تفكيره ويشوِّشها ويبرز عنده حب الأنا والالتفات إلى ثانويات حاجاته وإشباعها واضطراب أولويَّاته، وقد تحدث بداخله ثورة أفكار رافضة لكل ما هو قديم ويذكِّره بحياته الماضية، الرفض الذي يصل أحيانًا إلى رفض العادات والتقاليد والانسلاخ منها.
الفكرة من كتاب الانحرافات السلوكية الأسباب والعلاج
أحيانًا يصدر منا أو من الآخرين سلوكيات معينة، ولا ندري ما الذي يدفعنا ويدفعهم إلى ذلك؟ وما الذي يدفع غير الأسوياء إلى سلوكياتهم الشاذة؟ هل هناك دوافع وراء ذلك أم أن السلوك يختلف من فرد إلى آخر؟
يتحدَّث الكتاب عن الانحرافات السلوكية ويفرقها عن السلوكيات السوية الطبيعية، ويعقد مقارنة بين النظرة الدينية للإنسان ونظرة علم النفس الحديث له، ثم يذكر دور الأسرة والمجتمع في مراحل نموه العقلية والعاطفية ومقدار ما تحدثه من تأثيرات فيه، ثم يبيِّن الاختلاف الفجَّ في منظومة القيم والأخلاق بين المنهج الإسلامي وما سواه.
مؤلف كتاب الانحرافات السلوكية الأسباب والعلاج
صباح عباس: كاتبة من مواليد مدينة صفوى بالعراق، جلُّ اهتمامها في الشأن الأسري، لها الكثير من المؤلفات في ذلك: “الحياة الزوجية: مشاكل وحلول”، و”حتى لا يكون الحلم حطامًا”، و”فن الإدارة (دليلك إلى النجاح)”.