الماء والنفط في سنوات البناء
الماء والنفط في سنوات البناء
لا يكتمل الحديث عن مسيرة التوحيد التي قطعها الملك عبد العزيز دون الوقوف على منجزاته الأساسية في بناء البلاد، وقد كانت مشكلة ندرة المياه من أكبر همومه آنذاك، فكان يعرف حاجة الناس إليها ولا سيما في أيام الحج وقدوم الناس إلى بيت الله الحرام، فقام بتوسعة عين زبيدة وزيادة إنتاجيتها إلى الضعف لتكفي حاجات أهل مكة وزوارها، وفي جدة كان الناس يلجؤون إلى مياه الأمطار المخزنة بالصهاريج، فأمر الملك بمشروع إيصال مياه عيون “مر الظهران” بوادي فاطمة إلى سكان جدة، ومثلما حدث في مكة وجدة تم تطوير مشاريع تأمين المياه العذبة إلى المدينة المنورة والرياض والأحساء وغيرها، فاستقدم الملك البعثات الفنية من مصر والعراق وأمريكا حتى تحولت المدن الجافة إلى مزارع خضراء تغذيها عيون الماء المستصلحة.
وفي أثناء البحث عن المياه في الأراضي الجافة علم الملك عبد العزيز بأمر الحفارات الإرتوازية التي اخترعها الغرب للتنقيب عن النفط، فأراد تجربتها في الوصول إلى المياه العميقة في جوف الأرض، وبالفعل عثرت تلك الآلات على كميات ضخمة من المياه بين طبقات الأرض السحيقة، ولكن هذه الحفارات لم تصل فقط إلى الماء وإنما دلت الخبراء على أماكن الحفريات التي تدعم احتمالات وجود النفط أسفل أراضي المملكة العربية السعودية، وبعد عدة أعوام قدم خبراء أمريكيون للتنقيب عن البترول فسمح لهم الملك عبد العزيز بالبحث تحت إشراف “الخبير إدوارد” الذي كان يشرف منذ سنوات على مشروعات التنقيب عن المياه، وبالفعل اكتشف البترول في السعودية وسارعت وفود شركات النفط الأمريكية والعالمية إلى الملك لشراء حقوق استخراج النفط، ولكن الملك قرر أن يمنح شركة نفط الخليج امتياز التنقيب لفترة محدودة تعود بعدها الأراضي المستأجَرة وما عليها إلى ملكية الدولة، وبعد ضغوط باعت الشركة امتيازها إلى الشركة الأمريكية الكبرى “ستاندرد أويل أوف أمريكا | Standard Oil” التي اتحدت في ما بعد مع شركة “نفط تكساس” تحت مسمى “شركة كاليفورنيا العربية: أرامكو”، وبدأ التنافس الشرس في أسواق النفط العالمية.
الفكرة من كتاب مع الملك الموحد: في مسيرة التوحيد والبناء
كانت الجزيرة العربية ولا تزال موضع اهتمام المؤرخين والمهتمين بتاريخ نشأة الدول الحديثة، وكتب عنها المستشرقون الذين توافدوا للمنطقة العربية وازداد اهتمامهم بها في سنوات اكتشاف النفط، وحديثًا أضيفت إلى نقاط أهميتها نقطة أخرى وهي الخطوات التي قطعتها في مسيرة التحديث والبناء التي بدأت رويدًا منذ توحيد البلاد في عهد الملك عبد العزيز، وفي هذا الكتاب نتعرف رحلة توحيد المملكة العربية السعودية في فترة فاصلة من تاريخها، ونكتشف كيف واجهت القيادة السياسية الانقسامات والأطماع السياسية لتتمكن الدولة السعودية من استعادة وحدتها مجددًا، والتوجه نحو عملية بناء الدولة الموحدة والحديثة.
مؤلف كتاب مع الملك الموحد: في مسيرة التوحيد والبناء
عثمان بن صالح العلي الصوينع: كاتب وصحفي سعودي حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية في الرياض ثم حصل على الماجستير في الأدب والنقد من جامعة الأزهر في القاهرة، شارك في تحرير صحيفة القصيم في بريدة وله العديد من المقالات والأعمال الأدبية والتاريخية منها:
الرياض: عاصمة الدولة السعودية.