المؤسسات الدولية

المؤسسات الدولية
استخلصت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية الدروس من الحرب العالمية الأولى، فلكي تمنع العالم من الانزلاق مجددًا إلى مرحلة الفوضى والاضطراب، سارعت إلى إحكام قبضتها عليه عبر خلق مؤسسات ومنظمات دولية تمكنها من السيطرة على العالم سياسيًّا واقتصاديًّا، وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت المنتصر الأبرز في تلك الحرب تولَّت بذلك مهمة إنشاء النظام العالمي الجديد.

فتم إنشاء منظمة الأمم المتحدة لتحلَّ محل عصبة الأمم وتتولَّى بذلك إحكام القبضة السياسية على العالم عبر ميثاقها الدولي، كما تم إنشاء مجلس للأمن تابع لها وأُعطيت قراراته صفة الإلزام ليكون بذلك عصاها الغليظة في وجه الدول التي تخرج عن حظيرة الطاعة، والحقيقة أن الأمم المتحدة عبر مواثيقها الدولية سعت إلى التوفيق بين المثالية والواقعية، فرغم أنها نادت بالمساواة السياسية بين جميع الدول فهي في الوقت نفسه رأت أن بعض الدول يجب أن تكون أكثر مساواة من غيرها، ونظرًا إلى اختلال ميزان القوى بين دول العالم المختلفة تم إنشاء محكمة العدل الدولية لتكون أساسًا للنظام القضائي الدولي.
وأما في المجال الاقتصادي فتمثَّلت أهم ركائزه في مخرجات مؤتمر بريتون وودز الذي أرسى دعائم النظام الاقتصادي الدولي المعاصر، حيث تم إقرار نظام نقدي جديد للعالم يلعب فيه الدولار الأمريكي الدور الأبرز في اقتصادات دول العالم عندما تم جعله عملة الاحتياطي النقدي العالمي وربطه بالذهب، وتم إنشاء مؤسستين عالميتين هما البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي، وقد تمثلت أهداف الأول في تقديم التسهيلات اللازمة للمساعدة في إعمار الدول التي دُمِّرت بنيتها التحتية جراء الحرب في حين كانت أهداف الصندوق المحافظة على النظام النقدي العالمي ومساعدة الدول التي تلاقي مشكلات اقتصادية عبر تقديم التمويل اللازم في صورة قروض ميسَّرة وتقديم المشورة اللازمة للخروج من أزمتها الاقتصادية، كما تم إقرار اتفاقية الجات المنوطة بتحرير التجارة العالمية وفتح الأسواق وتشجيع الاستثمار وضمان حرية انتقال رؤوس الأموال الأجنبية بين الدول المختلفة.
الفكرة من كتاب النظام الاقتصادي الدولي المعاصر
الاقتصاد مرآة تعكس السياسة، فكل تطور اقتصادي يشهده أي بلد لا بد أن يؤثر في وضعه السياسي، وقد ثار جدل أزلي بين الاقتصاديين والسياسيين فيمَنْ يقود مَنْ أو مَنْ يؤثر أكثر في الآخر، ولكن يتفق الجميع أن فَهم أبجديات الاقتصاد العالمي يعد محددًا مهمًّا للوقوف على فهم السياسة العالمية اليوم.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي سبَّبتها جائحة فيروس كوفيد 19 (كورونا)، يقدم هذا الكتاب مراجعة حية للاضطراب التاريخي الحاصل في الاقتصاد العالمي، في سياق رؤية مفصَّلة للاتجاهات الاقتصادية والتجارية والجيوبوليتيكية التي حدَّدت الأطر الحاكمة للنظام الاقتصادي العالمي اليوم بدايةً من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى نهاية الحرب الباردة.
مؤلف كتاب النظام الاقتصادي الدولي المعاصر
حازم عبد العزيز الببلاوي: كاتب وعالم اقتصاد، ولد في 17 أكتوبر 1936، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1957، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية، من جامعة جرينوبل، بفرنسا سنة 1961، ودكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية، جامعة باريس، بفرنسا سنة 1964، كما شغل سابقًا منصب رئيس الوزراء في مصر، ويشغل حاليًّا منصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
حصل على وسام جوقة الشرف بدرجة فارس من حكومة فرنسا سنة 1992، ووسام ليوبولد الثاني بدرجة كوماندور من حكومة بلجيكا سنة 1992.
له العديد من المؤلفات أبرزها: “الاقتصاد العربي في عصر العولمة”، و”دليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر الاقتصادي”، و”نظرات في الواقع الاقتصادي المعُاصر”، و”نظرية التجارة الدولية”.