المؤسسات الخيرية والصروح العلمية
المؤسسات الخيرية والصروح العلمية
إن من الشواهد الواقعية والنماذج الحية على رقي هذه الحضارة واستحقاقها لقيادة العالم، سمو النزعة الإنسانية سموًّا يفيض بالخير والبر على طبقات المجتمع كافة، بل على كل من يعيش على وجه الأرض من إنسان وحيوان، ولقد بلغت أمَّتنا في ذلك الذروة التي لم تصل إليها أمة من الأمم من قبل، ففي العصور الماضية لم تعرف الأمم السابقة ميادين للبر إلا في نطاق ضيق لا يتعدَّى المدارس والمعاهد، وهي على أية حال تفتقر إلى الإخلاص لله (عز وجل)، بينما كان الدافع الأول لأمتنا على أعمال البر ابتغاء وجه الله (سبحانه وتعالى)، وهنا يسهب المؤلف بعد تقرير هذه الحقيقة فيعدِّد لنا ثلاثين نوعًا من أنواع المؤسسات الخيرية التي قامت في ظل حضارتنا في مختلف المجالات والتخصصات، فمن أوقاف العلم إلى أوقاف السلاح إلى أوقاف الزواج إلى أوقاف المرضى والعاجزين، حتى القطط والأواني كان لها وقف خاص بها، وما كانت هذه الأوقاف حصرًا على فئة دون أخرى من المجتمع، بل اشترك فيها كل الشعب من أمراء وخلفاء وعامة رجالًا ونساء، فكانت ظاهرة تعمُّ المجتمع المسلم كله.
ولا يخفي التاريخ الصروح العلمية والمراكز الثقافية التي قامت في حضارتنا، فأشعَّت العلم والمعرفة في كل فروعها على العالم أجمع في الوقت الذي كانت تعاني فيه الأمم الأخرى من التخلف والجهل في معظم فنون المعرفة، فالأمة التي تستحقُّ الحياة تجد غذاءها في العلم قبل كل شيء، وأمتنا يوم كانت تبعث الحياة في كل الأمم والشعوب كانت تسلك كل سبيل للتزود من العلم وأدواته، ويتبارى أهلها في تحصيله والاهتمام به.
الفكرة من كتاب من روائع حضارتنا
في هذا الكتاب يعرض المؤلف نماذج رائعة، وصورًا مشرقة لبعض روائع حضارتنا الإسلامية، وما امتازت به عن سائر الحضارات قاطبة، فما أسباب تميُّزها وقيامها وكيف كانت أخلاقنا الحربية؟ كالرفق بالحيوان، والمؤسسات الخيرية، والمكتبات والصروح العلمية، والعواصم والمدن الكبرى، فلننظر ولنتأمَّل في هذه الروائع عسى أن يخطَّ الجيل الجديد من أبناء هذه الأمة صفحات مشرقة في التاريخ، وأن يبعث الله في هذه الأمة من يجدِّد لها دينها وحضارتها.
مؤلف كتاب من روائع حضارتنا
الشيخ الدكتور مصطفى حسني السباعي: ولد في مدينة حمص بسوريا عام 1915، وقد نشأ في أسرة علمية واشتهر والده وأجداده بالخطابة في جامع حمص، تأثر بوالده الشيخ حسني السباعي الذي كانت له مواقف معروفة ضد الاستعمار الفرنسي، درس في الأزهر بمصر عام 1933، من مؤلفاته: “السنة ومكانتها في التشريع”، و”اشتراكية الإسلام”، و”عظماؤنا في التاريخ”، وغيرها من الكتب التي تجمع بين إقناع العقل وإمتاع القلب.