المؤتمرات العابثة
المؤتمرات العابثة
نحن الآن نتابع مشهدًا في مستشفى داخل قاعة الولادة، هناك مخلوق يلد ومخلوق آخر يولد بسلامة والحمد لله، لا شيء يدعو إلى الغرابة حتى الآن، ثم فجأة سمعنا صوت المخلوق الذي وَلَد للتو يوجه سؤالًا إلى الطبيب: أخبرني، ترى هل هو ذكر أم أنثى؟ فيجيب الطبيب وهو يمسك بالمولود: لا نعلم حتى الآن، هذا سؤال مبكر جدًّا ستتبين إجابته مع مرور الأيام ومع طبيعة ممارساته الاجتماعية!
صدمة أليس كذلك؟! لا ياعزيزي القارئ، ربما لو كنت تعيش في القرن التاسع عشر مثلًا أو ما قبله، لكن هذا الوضع أو هذه الصياغة التي صيغ بها تعريف الجنس الإنساني تم تحويرها والانقلاب عليها في القرن الماضي، وتم إعطاؤها مسمى آخر جديدًا مطاطًا حرًّا غير مقيد بحدود، فاسدًا في أصله ومفسدًا في ما بعد كما سنرى، هذا هو مفهوم الجندر.
ظهر هذا المصطلح لأول مرة عام ١٩٩٤ في وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان، داعيًا إلى نبذ كل أشكال التفرقة الجندرية، إلا أنه مر بسلام بسبب الترجمة غير الدقيقة، ثم ظهر بكثافة ووضوح بعدها بعام في وثيقة بكين وتم تعريفه من قِبل منظمة الصحة العالمية بأنه “المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية لا علاقة لها بالاختلافات العضوية”، نعم أيها القارئ أو القارئة كما فهمت، قد يكون تركيبك البيولوجي وأعضاؤك الجسدية ذكورية إلا أنّا سنرمي بها عرض الحائط وننظر إلى تصرفاتك المجتمعية، فإن أنت سلكت سلوك النساء ولو كنت ذكرًا فأنت أنثى ولك كامل الحرية في ذلك، وما يتبعها من حرية في اللواط وفي الممارسات الأنثوية والأعمال النسائية والعكس بالعكس بالنسبة إلى الأنثى.
نظرة عدمية عبثية فاسدة مفسدة، فأي قيام للإنسانية فضلًا عن المجتمعات فضلًا عن الأسر أصلًا، أي نظرة فاسدة هذه التي سيعيش بها الإنسان وهو يظن أنه ذكر لأن المجتمع فرض عليه الذكورة لذا عليه أن ينخلع عنها ويبحث عن نوعه هو بحرية وكما يريد، أين سيذهب الإنسان بهذا الضرب العشوائي في أصل الفطرة والهوية الإنسانية؟! إلى أين أيها الغرب؟!
الفكرة من كتاب الجندر: المنشأ، المدلول، الأثر
يعيش الغرب حالة من الخوف على الرغم من امتلاكه الحضارة المادية والمال والنفوذ، إلا أنه ما من فائدة لكل هذا بغير وجود حقيقي للإنسان الفاعل والمحرك له!
يخاف الغرب من الزيادة السكانية التي تعيشها الدول الإسلامية ودول العالم الثالث، مقابل النقص السكاني الذي يعيشه الغرب نتيجة العزوف عن الزواج والإنجاب والاكتفاء بالعلاقات المفتوحة العابرة وتوافر الإجهاض، لذا فهو يسعى بجهد حثيث إلى حرب باردة؛ حرب على الإنسان الذي سينازعه سلطته قريبًا، فيوجه ضرباته تجاه المرأة، ويصوب قنابله تجاه الأسرة، ويقتلع القوانين والدساتير ليزرع مكانها أشواك قراراته الفاسدة، ومن جهة أخرى يحاول أن يشجع بداخله على التناسل والإنجاب ويدعم الهجرة ويمنح الجنسية، وعلى كل حال يبدو أن الغرب غارق في الوحل لكنه لن يفصح عن ذلك بالطبع!
مؤلف كتاب الجندر: المنشأ، المدلول، الأثر
مثنى أمين الكردستاني: حاصل على بكالوريوس الشريعة والدراسات الإسلامية، وماجستير في العقيدة ومقارنة الأديان، كما أنه باحث دكتوراه في العقيدة والفلسفة أيضًا، عمل باحثًا ومستشارًا لقضايا المرأة في اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، من مؤلفاته:
حقوق المواطن غير المسلم في الدولة الإسلامية.
قضايا القوميات والعلاقات الدولية/ دراسة حالة القضية الكردية (وهي رسالة ماجستير مخطوطة).
كاميليا حلمي محمد: حاصلة على بكالوريوس الهندسة، وهي مدير عام اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل وعضو مجلس إدارة جمعية نساء الإسلام المصرية، شاركت في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية الخاصة بالمرأة والطفل والأسرة، كما شاركت في وضع ميثاق الطفل في الإسلام الذي أقره مجمع البحوث الإسلامية، ووضع الرؤى الإسلامية لوثائق الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة والطفل وصياغة الوثائق الإسلامية البديلة.