الليل مهبط الرحمات
الليل مهبط الرحمات
مما يميز شهر رمضان عن غيره من الشهور أيضًا صلاة الليل، فهي بمثابة شرف المؤمن كما جاء في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم): “واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل”، كيف لا وقد جمع ذلك الوقت هدوء العالم وصفاء الذهن وصحبة القرآن ونزول الرب (تبارك وتعالى) إلى السماء الدنيا في ثلث ليلها الأخير، وهذا في أيام الدنيا العادية، فزد عليها في أيام رمضان الاستثنائية اجتماع الأمة كلها مع القائمين تصدح مساجدها وتتلألأ بالآيات والدعوات والخلوات، وخلاء الدنيا كلها من مردة الشياطين وانفتاح أبواب الجنة عن آخرها تنتظر الوافدين!
إن لقيام الليل بالقرآن في الصلاة لذة لا تضاهيها لذة، وسكينة تتنزَّل على النفس وطمأنينة تغمرها لا تجتمعان في وقت آخر كاجتماعهما في ذلك الوقت، وتخيَّل إن أنت وُفِّقت لقيام ليلة هي خير من ألف شهر كما أخبر عنها ربنا (تبارك وتعالى)، ليلة مجهولة الموعد عدا أنها تقع في العشر الأواخر من رمضان في لياليه الوترية خاصة، ومعلومة الفضل حيث إنها تغفر ما تقدم من ذنوب العبد، ومشهودة من أجلِّ وأشرف المخلوقات، ألا وهم الملائكة فهي ليلة القدر والتغيير، فإن منَّ الله عليك بقيامها فقد منَّ عليك بخير كثير.
إنَّ من أجَلِّ مقاصد صلاة الليل في شهر رمضان أن يُتلى كلام الله فيسمعه الناس جميعًا ليكون ذلك أدعى للتدبر والتفكر ومن ثمَّ العمل به، وما تصطحبه معك في ليلك أيضًا دعاؤك ومناجاتك فإنَّه من أوقات الإجابة المرجوَّة، وما كان الدعاء إلا للإجابة، فأنت به رابح في كل الأحوال، وحاشى لله أن يرد يدًا رُفِعت إليه، فكيف بأيادٍ اجتمعت في مكان واحد وزمان واحد شريف في ليلة قد توافق ليلة شريفة لا تتكرَّر في العام إلا مرة!
الفكرة من كتاب تراتيل رمضانية
“الصيام مَدرجةٌ إلى التقوى، فإذا انتظم الصائم في سِلكها، وترقَّى في معارج المتقين أورثه الله بحبوحة الجنة”.
يوصينا الكاتب هنا بوصايا ربانية نبوية تتعلق بالصيام وفضله وشرف زمانه، وبما يُتعبَّد لله به في شهره المبارك من شتى صنوف العبادات والقربات، ويتطرق إلى معانٍ رفيعة عظيمة تصطحبها معك خلال رحلة الثلاثين يومًا!
مؤلف كتاب تراتيل رمضانية
محمد بن يوسف الجوراني: كاتب ومحقِّق مخطوطات، ورئيس مركز الذخائر في المملكة الأردنية، نال درجة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن، وفي عام 2012 حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية العالمية في الأردن.
من مؤلفاته: “الرقية الشرعية من الكتاب والسنة النبوية” و”العلاج بالقرآن”، و”وسائل الإعلام ونشر الدجل والشعوذة وكيفية علاج الظاهرة”. ومما حقق من المخطوطات والكتب كتاب “خلاصة الكلام على عمدة الأحكام لفيصل آل مبارك”.