اللقاء الصعب وحنين الإخوَّة
اللقاء الصعب وحنين الإخوَّة
قد يتأخَّر النصر كي يكون نصرًا فيه عزَّة وتمكين، يلتقي يوسف (عليه السلام) إخوته بعد سنوات فيعرفهم ولا يعرفونه، فيمكِّن الله له بعد ابتلاء، ويمكر له دون مشقَّة وعناء، فإنَّ الله إذا أحبَّ العبد كاد له، وجعل محبوباته سهلة المنال.
فما أشدَّ عطش الروح للأخ، أخوك الذي تخصُّه بوصف الأخوَّة من بين إخوتك هو أخوك الذي لم يُعطِك ظهره عندما رآك تتهاوى في جبِّ مآسي الحياة، وعندما أخذ يوسف بنيامين إلى جواره؛ لم يُساوِ بين من كان من إخوته من يتمنَّى فراقه، ومن كان يتمنَّى لقاءه.
كان بنيامين المرهم الذي دهن به يوسف (عليه السلام) قلبه، إذ لم يستطع العودة إلى أبيه وإخوته بآثار جراح الماضي، بل اتَّخذ جوار بنيامين راحة بعد طول تعب، وفرح بعد حزن ووصب.
الفكرة من كتاب يوسفيات
إن التدبُّر هو ما يفعله كلُّ مؤمن يقرأ كتاب الله، ما دام عقله حاضرًا، وقلبه واعيًا، فكلُّ معنى يقف عنده القلب مُتأثِّرًا، أو مُتشوِّقًا، أو مُتحسِّرًا، أو مُتلهِّفًا، أو مُحبًّا، أو مُبغضًا، وكل تلك المعاني النفسية هي من صميم التدبُّر، ولا يكاد قارئ لآيات كتاب الله إلا ويشعر بها في قلبه، ويتصوَّرها في خياله.
فالقرآن كتابٌ مُبين، ومن كونه مُبينًا أنَّ كلَّ الكُتب يعتريها غموض سواه، فكل الكُتب فيها لبس إلا هو، ويطرأ عليها شيء من التناقض عداه، إذ إنَّ الوضوح الصفة الأهم لأعظم كتاب أنزله الله، فمن قرأ القرآن ولم تتضح الرؤى لديه وتترتَّب فوضى عقله ولم تنسجم قناعاته مع مبادئه؛ فهو لم يقرأ القرآن حقًّا، وقد أُنزِل القرآن حاملًا خصائص العلو والارتفاع، فكل من قرأه علت نفسه، وكل من حفظه علت همَّته، وكلُّ من تدبَّره علت قدرته وأنارت بصيرته، ومن عمل به علت منزلته ومكانته.
مؤلف كتاب يوسفيات
علي بن جابر الفيفي: علي بن يحيى بن جابر الفيفي يعمل محاضرًا في قسم الشريعة واللغة العربية في كلية البرامج المشتركة بالمحالة، وقد التحق بالجامعة عام 1435 هجريًّا، وهو حاصل على بكالوريوس في تخصُّص العودة، هذا إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصُّص الدعوة والاحتساب.
من مؤلَّفاته: “لأنك الله”، و”محمد الرجل النبيل”، و”سوار أمي”، و”حلية الوقار”، وغيرها.