اللغة.. فطرية أم مكتسبة؟

اللغة.. فطرية أم مكتسبة؟
يرى بعض العلماء واللغويين أن اللغة مثلها كمثل أي مظهر للثقافة البشرية، يتعلمها الإنسان من التجارب التي يتعرض لها، وقد بدأت وجهة النظر هذه في التشكل مع أفكار داروين، الذي رأى أن اللغة مجرد شيء يكتسبه الأفراد بشكل كامل من البيئة المحيطة، ورأى أن الإنسان، بما يتمتع به من عقل متطور وقدرات فائقة، قادر على اكتساب لغة غنية واستخدامها بشكل إبداعي، على عكس الحيوانات. يختزل هذا الفكر اللغة في الكلمات التي نتعلمها صغارًا نتيجة التعرض المتكرر لها من البيئة حولنا، ومن ثم لا يستطيع تفسير كيف يمكن للإنسان أن يكوّن عددًا لا نهائيًّا من الجمل التي لم يسمعها أو يتعرض لها من قبل، فاللغة ليست مجرد كلمات، وإنما يوجد رباط خفي يربط بين هذه الكلمات ويمكّننا من تكوين الجمل وفهمها وإضفاء المعاني إليها، وهذا الرباط ليس موجودًا في اللغة نفسها، بل في عقولنا، ولذلك أطلق عليه اللغوي البارز “نعوم تشومسكي | Noam Chomsky” اسم النحو العقلي.

يفسر تشومسكي الظاهرة الإبداعية للغة البشرية من خلال نظريته التوليدية التي تُعرف بالنحو الكلي، والتي تقترح وجود مجموعة من القواعد النحوية العالمية المشتركة بين جميع اللغات البشرية، وهذه القواعد -وفقًا لتشومسكي- فطرية مدمجة في العقل البشري، تُنَشَّط أو تُستَخدَم عند تعلم لغة جديدة، ولذلك نرى الإنسان وحده -دونًا عن الحيوان أو الآلة- قادرًا على إنتاج عدد لا حصر له من الجمل الجديدة التي لم يتعرض لها مسبقًا وفهمه، وفي ما يلي سنبحث في أجزاء هذه الفرضية تفصيليًّا.
الفكرة من كتاب لغة بلا حدود: العلم وراء قوتنا الإبداعية الأكبر
إذا سألتك عما تفعله الآن، فقد تكون إجابتك: “أنا أقرأ ملخص كتاب “لغة بلا حدود” عبر تطبيق أخضر”، أو “إنني مستغرق في قراءة ملخص كتاب على أخضر”، أو “إني أطالع تلخيصًا لكتاب عن اللغة على هاتفي”، توجد مئات.. بل ملايين الجمل التي يمكن استخدامها للتعبير عن هذه الفكرة المفردة، ومعظمها لم يسبق لنا سماعه أو استخدامه، فما الذي يمكّننا من توليد هذا الكم الهائل من الجمل بشكل طبيعي دون تعلمها صراحةً؟
الحقيقة أن الإجابة عن سؤال كهذا ليست بالأمر البسيط أبدًا، وللوصول إليها علينا أولًا أن نمر بسلسلة طويلة من الأسئلة الأكثر تعقيدًا: كيف نتعلم اللغة؟ أو كيف نفهمها؟ وكيف يتعامل العقل مع الكلمات والجمل؟ وهل يمكن لأي من أنظمة التواصل الأخرى الموجودة أن تتطور وتصل إلى تعقيد اللغة البشرية؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة ويثير في أذهاننا مزيدًا من التساؤلات، من خلال عرضه الموجز لأهم الأبحاث والنظريات اللغوية التي طُرحت خلال المئة سنة الأخيرة.
مؤلف كتاب لغة بلا حدود: العلم وراء قوتنا الإبداعية الأكبر
ديڤيد أدجر: أستاذ اللسانيات في جامعة كوين ماري بلندن، شغل منصب رئيس جمعية اللسانيات البريطانية السابع عشر، ويُعد خبيرًا في دراسة أصول اللغة وقواعدها وطرائق تعلمها، وقد ألف كتابًا آخر يتعمق في هذه المواضيع تحت عنوان “Core Syntax: A Minimalist Approach”
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.