اللغة الشاعرة.. في الشعر والنثر
اللغة الشاعرة.. في الشعر والنثر
تمتاز اللغة العربية بين أختيها السامية والآرية بفن الشعر ونظمه، فقد استقل هذا الفن عن الرقص والغناء، مُرافقَيْه في المجتمعات الغربية، وأصبحت أوزانه وقوافيه غير خاضعة لموسيقى خارجية أو تلحين مُصطنع، فالغرض الشعري هو الذي يجلب الوزن ويصنع القافية، فكانت القصائد العربية أكثر من أغنية أو إنشاد، بل من خلال الوزن وموسيقاه الخاصة، يمكنك الشعور بإيقاع الحركة والحالة التي تلبست الشاعر.
يمكننا تفسير هذه الخاصية من خلال نشأة هذا الفن عند كلتا الجماعتين، ففي الآداب الغربية، غالبًا ما كانت الأناشيد والترانيم الدينية تُغنى في جماعات، تُصاحبها الموسيقى والألحان، فلم يكونوا بحاجة إلى علامات على الوقف والابتداء، بل يتبعون النهر ويسايرون اللحن، أما الشاعر العربي الذي يلقي نظمه فردًا، فكان بحاجة ماسة إلى علامة تتتابع وتتشابه على مدار القصيدة، يستطيع السامع أن يتبين منها مواضع الوقف ويتابع النغم.
وللوهلة الأولى ربما يعتقد بعض الناس أن الكلام المنظوم على وزن وقافية، تطور طبيعي للنثر المسجوع، أي إن النثر جاء سابقًا للشعر، لكن لم توجد أي قرينة تدل على هذا التقدم سواء في الآداب العربية أو الغربية، وقد يقول قائل ذلك لأن الناس قد حفظوا أشعار لغتهم وتوارثوها لسهولة حفظ الكلام المنظوم، فاندثر نثرهم، ولم تصل إلينا إلا قصائدهم، لكن علينا أن نفرق بين النثر والكلام، فاللغة سابقة على كل من الشعر والنثر، لكن الدواعي التي تتولد لنظم الشعر، مُتجذرة في الفطرة البشرية، فلا تتطلب سوى حافز للغناء؛ رغبة في محاكاة الطبيعة وموسيقاها، لا تحتاج إلى قبيلة أو جماعة أو دواعٍ سياسية، ويحتاج النثر إلى جميعها، ولم نجد في شعرائنا مَن نثر في بداية حياته الأدبية ثم انتقل إلى نظم الشعر، فالشاعر يُطبع منذ البداية على هذه الفطرة، أما الناثر فيتعلم ويقلد.
الفكرة من كتاب حياة قلم
في أسوان، يرى خلفه جبال النوبة شامخة، ترفع أعلام الماضي وترفض أن تتقاصر للبساط المحيط بها، وأمامه الوادي يشق جبهة الهضبة الحجرية، وينحر الصحراء لينعم على هذا القطر بالزرع والرفاه، فماذا يبقى لمصر إذا ذهبت أسوان وذهب نيلها؟
كان عصر العقاد مليئًا بالأفذاذ في كل فن، وليس من السهل على فتًى قادم من أقصى الصعيد أن يتميز قلمه بين هؤلاء الكبار، لكنه ومنذ البداية لم يكن يعبأ بالأنداد، ويعطيه قلمه وحدسه الثقة الكبيرة بما يُقدم وما يفعل، حتى انتزع لنفسه منزلة بين الأعلام. في هذه السيرة الذاتية، يهتم العقاد بأن يعرض لنا سيرته الصحفية والأدبية، منذ إنشائه مجلته الخاصة في الابتدائية، حتى توليه قلم الأدب في جريدة “المؤيد”، يقص علينا جولاته في عديد الوظائف التي شغلها، وصولاته مع عديد الشخصيات التي عاصرها، وفي النهاية نتعرف شيئًا من فلسفته وآرائه في قضايا السياسة والأدب.
مؤلف كتاب حياة قلم
عباس محمود العقاد: وُلد في أسوان عام 1889م، ونشأ في أسرة فقيرة، فلم يتعد في تعليمه المرحلة الابتدائية، ولكنه اعتمد على ذكائه في تكوين ثقافة موسوعية، وتعلم اللغة الإنجليزية في طفولته من مخالطته الأجانب الزائرين لأسوان.
اشتغل بالسياسة في فترة من حياته وانتُخِبَ نائبًا للبرلمان، وسُجِنَ تسعة أشهر بتهمة “العيب في الذات الملكية”، عُرفت عنه معاركه الأدبية مع كبار مفكري عصره، كالرافعي وطه حسين، وأسس مع عبد القادر المازني وعبد الرحمن شكري “مدرسة الديوان” الشعرية.
وللعقاد عديد من المؤلفات والدواوين الشعرية نذكر أهمها:
سلسلة العبقريات.
كتاب “ساعات بين الكتب”.
كتاب “التفكير فريضة إسلامية”.
ديوان “أعاصير مغرب”.
ديوان “عابر سبيل”.