اللذة والفرح والسعادة
اللذة والفرح والسعادة
تعدُّ تجربة الشعور بالإشباع وما يتبعه من إحساس باللذة هي التجربة الأكثر انتشارًا وفورية في حياة الإنسان، وذلك في اللذات الحسية كالأكل والشرب والراحة، وهناك لذات داخلية مصدرها القلب أو النفس كالشعور بلذة المعرفة، ولا يمكن للإنسان أن يعيش دون الشعور باللذة، فالحياة وإنجاز الواجبات فيها هي ضرب من السعي وراء اللذة.
وللذَّة مشكلات، منها أنها لا تدوم، فالإحساس باللذة مرتبط بمؤثر خارجي لا بدَّ من تجدُّده دائمًا، ثم إن الشعور باللذة في الغالب شعور متناقض، فكل إنسان يشعر برغبات لا بدَّ من إشباعها، وأحيانًا يحدث أمر ما يُذهِب عنا كل متعة يرجوها كلقاء صديق عكِر المزاج، والمشكلة الثانية أن بعض اللذات ترضينا على نحو فوري إلا أنها تضرُّنا على المدى الطويل كأكل الوجبات السريعة مثلًا، هاتان المشكلتان دفعتا الفلاسفة إلى طرح سؤال: هل يمكن وجود لذة دائمة غير مضرة؟ وانطلاقًا من جواب هذا السؤال برز مفهوم السعادة؛ فحتى نصير سعداء يجب أن نعلم أنه ليست هناك سعادة من دون لذة، وحتى نصير سعداء فإنه يجب أن نميز بين لذاتنا وأن نتعلم التقليل منها، وقد رأى الفيلسوف اليوناني إبيقور أن الإكثار من اللذة يقتل اللذة نفسها، فيجب أن نكون حذرين في تناول الأشياء التي تشعرنا بالسعادة، فنختار اختيارًا صحيحًا ونوازن بين اللذات وبين ما تجلبه من مصالح وأضرار.
ويرى أرسطو أن الفضيلة في الأخلاق هي التوسُّط بين الأمور، فالشجاعة وسط بين الجبن والتهور، والكرم وسط بين البخل والإسراف، وهكذا يجب على كل إنسان أن يوازن بين الأمور حتى يصل إلى حالة الاعتدال، فليس ثمة سعادة من دون لذة؛ وأوضح الفلاسفة أنه إذا أراد أن يديم الإنسان السعادة فإنه ينبغي أن يتخلَّص من الأسباب الخارجية ويستمدُّها من داخله وبذلك يصل إلى درجة الحكمة، وهي درجة أعلى من السعادة؛ فالحكمة هي أن تقبل الحياة كما هي، ولا تسعى في تغيير العالم لإشباع رغباتك.
ويأتي بعد حالتَي اللذة والسعادة حالة الفرح، وهي حالة نفسية يشعر بها الإنسان عند حدوث شيء ما.
الفكرة من كتاب قوة الفرح
ينشد الإنسان في حياته الفرح ويطلبه، لأن الفرح يحمل في ذاته قوَّةً تحرِّك الإنسان نحو ما يحبه، فهو تأكيد للحياة، وهو الوسيلة التي نتيقَّن من خلالها من حقيقة وجودنا ونتذوَّق عبرها هذا الوجود.
يناقش فريدريك لونوار مسألة الفرح من منظور فلسفي، والفرق بينه وبين اللذة والسعادة، وهل يمكن للإنسان الوصول إلى فرح دائم؟
مؤلف كتاب قوة الفرح
فريدريك لونوار Frédéric Lenoir: كاتب فرنسي، ولد في مدغشقر عام 1962.
من كتبه ومؤلفاته:
فن الحياة.
رؤى لونا (رواية).
الحكمة لمن يبحث عنها.
في السعادة.. رحلة فلسفية