اللحظات الأولى من الخلوة
اللحظات الأولى من الخلوة
قرَّر الكاتب أن يبدأ الخلوة ليتخلَّص من كل التراكمات السلبية في حياته وشخصيته لبدء التفكير في كل جانب مع تهذيب النفس وتطهيرها من عاداتها السيئة، وقد استعدَّ لذلك بالتخلُّص من وسائل التواصل الحديثة إلا هاتفًا بسيطًا للطوارئ، ليبدأ الخلوة التي ستستمر لمدة أربعين يومًا مُتصلة، وقد رأى أن أهم شروط الخلوة اختيار مكان يبعده عما هو مدمن عليه، وقد جعل الكاتب أهداف خلوته في فك ارتباط النفس بما تشتهيه، وتحقيق السلام الداخلي بتهدئة أي صراعات داخلية، ثم تقييم الماضي الخاص به مع التخطيط لما هو قادم.
ولعلَّ أوَّل ما تذكَّره هو الموقف الذي كان فيه جالسًا مع صديقه، وقد فَاجَأه أحدُهُم واتَّهمه بالترفُّع والغرور كونه لم يرد على رسالة أرسلها إليه منذ سنة، وظلَّ هذا الشخص يهاجم ويتكلَّم، لكن الشقيري قد قرَّر الصمت والإنصات فقط لمَّا تذكَّر موقف رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم) مع أحد أفراد قريش الذي كان يهاجمه والنبي ظل يسمعه، واستمر هذا الشخص في الكلام حتى فرغ من حديثه تمامًا، وبدأ يهدأ ويعتذر متفهِّمًا انشغاله ثم غادر، ليتعلَّم حينها أن “الصمت سحر”، وأنه لا ينبغي أن نملأ لحظات السكوت في الحديث، بل نجعل من أمامنا يملؤها حتى يلين وحده.
في موقفٍ آخر، كان الكاتب قد قرَّر التديُّن وحفظ القرآن وإطلاق لحيته، وحينها تحوَّل الأمر إلى غرور، فبعد أنْ حفِظ ستَّة أجزاء رأى في نفسه الأحقيَّة بالإمامة، وقد استغرق وقتًا حتى يتعلَّم أنَّ عمل المرء يكون لله وليس للناس، إذ يُحكَى أن رجلًا كان مواظبًا على الصلاة في الصف الأول أربعين عامًا، ولما تأخَّر يومًا وصلَّى في الصف الثاني شعر بالخجل من الناس، ليكتشف حينها أن صلاته طوال تلك السنوات لم تكن لله، بل للناس!
الفكرة من كتاب أربعون 40
إن أفضل الطرق لتحسين حياة المرءِ تكون في جلسةٍ مع النَّفس، بشرط أن يكون صادقًا تجاه إيجابياته وسلبياته، وبعيدًا عن كل ما قد يُشتِّتُه من ملهياتٍ انتشرت في وقتنا الحالي، فذاك السبيل الوحيد لمراجعة ماضيه، والتخطيط لمستقبله، واتخاذ قرارات حاضره.
ولقد أراد الشقيري أن يخلو بنفسه لينعزل في جزيرة نائية لمدة أربعين يومًا مُتصلة، واشترط على نفسه إيجاد لحظات كأنها توقف عجلة الحياة وسرعتها، فتخلَّى عن كل المشتِّتات وبدأ بالتفكير محاولًا الوصول إلى قرارات حقيقية يتعلَّم بها من ماضيه، ومستهدِفًا السلام الداخلي والنجاح الحقيقي، فماذا وجد في تلك الخلوة؟
مؤلف كتاب أربعون 40
أحمد الشقيري: هو إعلامي وكاتب سعودي، حاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة كاليفورنيا، ويحظى بشهرة واسعة في الوطن العربي بسبب برنامجه “خواطر” الذي قدَّم منه أحد عشر جزءًا، وركَّز فيه على مناقشة قضايا الشباب والأمة الإسلامية، كما قدَّم العديد من البرامج التلفزيونية الأخرى مثل: “لو كان بيننا”، وله العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية، ومن أهم مؤلفاته:
رحلتي مع غاندي.
سلسلة خواطر شاب.