اللبنة الأولى
اللبنة الأولى
أولى العلاقات التي يجب فهمها فهمًا سليمًا هي علاقة الإنسان بخالقه سبحانه وتعالى؛ وهي علاقة العبودية، والعبادة، كما ذكر معناها الكاتب، هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفكار والأعمال والمشاعر والعواطف في حياة الأفراد والمجتمعات، وفي جميع الميادين الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، وغير ذلك.
فالعبادة هي علَّة الوجود، ويقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، كما أن الرسل (رضوان الله عليهم جميعًا) بعثوا من أجلها، فعبادة الله تُحرِّر الإنسان، على عكس من يصير عبدًا لشهواته وغرائزه، فعبادة الله تجعله يعيش لهدفٍ سامٍ يتفاعل معه بكل شوقٍ ومحبة.
فالإنسان بطبعه يحتاج إلى طرف دائم العطاء والتفاعل، هذا ما ذكره عالم النفس إريك فروم؛ فذكر أن الطفل يلتصق بوالديه، ثم يتخطَّى ذلك ويتزوج، وقد يتخطَّى العلاقات الجسدية فيدخل في الفنون وغيرها، لكن الوجود المادي لا يسد حاجته الحقيقية، ولكن فروم تاه هنا، ولم يعرف تحديدًا ما خارج المادة.
ومظاهر العبادة عديدة، منها المظهر الديني والمقصود به هو أن يتعرَّف الإنسان على خالقه ورسله وملائكته، فيمارس الشعائر الدينية بالطريقة التي يرضاها الله (عز وجل)، وكذلك المظهر الاجتماعي فبه يتعرَّف الإنسان على أشكال التكافل الاجتماعي والمعاملات البشرية، وأخيرًا المظهر الكوني والذي يتعرَّف الإنسان من خلاله على الكون وقوانينه فينتفع به ويحفظه ويوظِّفه لغاية وجوده.
وحينما ينفصل مظهر تعبُّدي عن آخر هنا تظهر المشكلات التي نراها، فلا بد من تكامل هذه الأطراف الثلاثة في العبادة، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم في آياتٍ عديدة، ويصل الإنسان إلى كمال العبادة حينما ترسخ محبة الله ورجاؤه وخوفه فتحصل التقوى والخشية، وبهذا يحصل العمل بالمعرفة.
الفكرة من كتاب فلسفة التربية الإسلامية -دراسة مقارنة بين فلسفة التربية الإسلامية والفلسفات التربويَّة المعاصرة-
لكل فِعلٍ ظاهر نقوم بِه، هناك تصوُّر باطن قد شكَّل هذا الفعل وجعل نفوسنا تتقبَّله، هذا التصوُّر يعتمد بشكل كبير على عدد من المركزيات في حياة الإنسان، وعلى بعض القيم والأهداف التي لها مكانة كبيرة في نفسه، والتي تحدِّد له الأدوات التي يسعى بها، ووفقًا لتلك القيم والأهداف يتشكَّل الإنسان، وهذا يمكننا تسميته بـ”فلسفة التربية”، فلكلِّ فلسفة غايات معينة تُشكِّل النموذج الإنساني الذي يتطابق تصوُّره وفقًا لتلك الفلسفة، فحينما نتأمَّل حال الإنسان المُعاصر ونقف جيِّدًا مع تصرفاته ودوافعه سنُلاحظ أن هناك فلسفة ما تشكَّل بها تصوُّره فنتج عنها تصرفه، فما هي إذًا فلسفة التربية لدى الإنسان المُعاصر؟ وهل هناك نموذج فلسفي تربوي كامل يرتقي بالإنسان؟ وماذا نعني بفلسفة التربية الإسلامية؟
في كتابنا يفتح لنا الكاتب آفاقًا جديدة لمعرفة إجابات تلك الأسئلة، ونُدرك جيدًا إلى أيِّ التصوُّرات ننتمي، وكيف ننظر إلى تلك الحياة.
مؤلف كتاب فلسفة التربية الإسلامية -دراسة مقارنة بين فلسفة التربية الإسلامية والفلسفات التربويَّة المعاصرة-
الدكتور ماجد عرسان الكيلاني: مُفكِّر ومُؤرِّخ وتربوي أُردني، وُلِد عام 1932م، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكية في بيروت، وشهادة الماجستير في التربية من الجامعة الأردنية، وشهادة الدكتوراه في التربية من جامعة بتسبرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الدكتور ماجد الكيلاني على عديدٍ من الجوائز والتكريمات من دول العالم المُختلفة، منها: جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية، وتوفِّي في عام 2015 م، بعد أن قدَّم الأفكار الكبيرة والأعمال الضخمة التي تُصحِّح للأمة الإسلامية مسارها.
ومن مؤلفاته:
“هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس”، و”أهداف التربية الإسلامية”، و”الدور اليهودي في التربية المعاصرة”.