الكواكبي والثقافة العلمية
الكواكبي والثقافة العلمية
كان الكواكبي ابن عصره كما يقال، فقد أصاب من الثقافة القديمة والحديثة نصيبًا، فكان من المحافظين على تراث السلف ورغم ذلك من المجددين أيضًا، وذلك بمواكبة علوم عصره التي تعلمها ذاتيًّا بسبب سعة اطلاعه، حتى إنه أصبح في مقدمة الباحثين المعدودين إلى أوائل القرن العشرين، فلم يترك بابًا من أبواب العلوم والمعارف التي تساعده على تأدية مقاصده إلا ونهل منه وأخذ ما يعينه في منهجه الإصلاحي، فقد كان بطبيعة نشأته في أسرة من رجال العلم ملمًّا بمسائل الدين والقانون، وبالإضافة إلى ذلك كان ملمًّا بالفتوحات العلمية في العصر الحديث وشؤون الاجتماع والسياسة والتاريخ.
وكان ملمًّا كذلك بأخبار الثورات والزعماء والقادة، بجانب نظره في عادات وأخلاق الأمم المختلفة والفوارق بين الحكومات، إلى جانب مكانته الأدبية وحسن أسلوبه ونظمه للشعر، ومعرفته باللغتين التركية والفارسية، فقد كان رحالة يحب السياحة والسفر بين الآفاق، وهكذا جمع بين الأصالة والمعاصرة في ثقافته.
الفكرة من كتاب عبد الرحمن الكواكبي
عبد الرحمن الكواكبي واحدٌ من رواد التجديد والإصلاح كان سيفه هو قلمه وأفكاره، وشخصية نالت من الثقافة القديمة والحديثة قلَّ أن نجد لها نظيرًا بين كتَّاب عصره، شخصية حاربت الاستبداد والمستبدين زمنًا وعرَّفتنا بخطورة الحكم الاستبدادي وأثره في الأمة والأفراد ووضعت الحلول لمحاربته وهو عبد الرحمن الكواكبي..
في هذا الكتاب، يأخذنا العقاد في جولة ودراسة وافية يتتبَّع فيها قصة كفاح الكواكبي، حيث يعرِّفنا فيها بحياته والجو الذي نشأ فيه، والثقافة التي تلقَّاها وعوامل تكوينه وأسباب نبوغه وذيوع صيته، ويعرفنا أبرز محطات حياته ومنهجه في الإصلاح الديني والمجتمعي والتعليمي والسياسي وأفكاره التي تبنَّاها ودافع عنها حتى وفاته.
مؤلف كتاب عبد الرحمن الكواكبي
عباس محمود العقاد: كاتب ومفكر ومؤرخ مصري، ولد بأسوان عام 1889، لم يحصل من الشهادات إلا على التعليم الابتدائي، ولكن ظهر نبوغه في مجالات مختلفة بسبب عكوفه على القراءة والتثقيف الذاتي، فكان يكتب في السياسة والفلسفة والأدب والنقد والشعر وتراجم الأعلام ومشاهير الفكر، وقد نال عضوية مجمع اللغة العربية، وكان عُضْوًا مُراسِلًا للمجمع ببغداد ودمشق.
له العديد من المؤلفات التي جاوزت المائة، أشهرها سيرته الذاتية “أنا” وسلسلة “العبقريات” و”ساعات بين الكتب” وغيرها، وله رواية واحدة فقط بين كل مؤلفاته وهي “سارة” التي خلَّد فيها قصة حبه، وقد وهب الأدب حياته ولم يتزوج، وتوفي عام 1964.