الكذب الثقافي من منظور آخر
الكذب الثقافي من منظور آخر
يُفسِّرُ «لاكان» كون الصدق مُشكِلًا في نفسه، بأن الحقيقة ليست تامة، إذ يستحيل في اللغة وضع حدود فاصلة بين مستويَيْن تعمل فيهما الحقيقة، ولا يمكن فصل «مستوى النطق» وهو التلفظ بالكلمات وطريقة قولها، عن «مستوى المنطوق» وهو دلالة الكلمات ومعناها، ويجب رؤية الكذب الثقافي من خلال هذا المنظور سببًا له أو على الأقل دافعًا إليه، فمستوى النطق لا تنكشف فيه الحقيقة، بل تتدخل عوامل أخرى مثل عواطف المتكلِّم ومشاعره، كما أن بعض الألفاظ تمتلك قدرة على تكوين معنى في مستوى النطق يختلف تمامًا عن معناها في مستوى المنطوق.
ومن المشكلات الأخرى المتعلقة بقول الحقيقة ما يسمى بـ«فُحش الحقيقة»، والفُحش «Obscenity» حسب المحلل النفسي «آرون رونالد بودنهايمر | Aron Ronald Bodenheimer» هو ما يقع في المواقف التي تنكشف فيها صراحة الأجزاء التي يخفيها المرء من شخصيته عن نفسه وعن الآخرين، وهذا يُشِير إلى نقطتَيْن بخصوص الكذب، وهما: من السهل ملاحظة الفُحش في بعض مواقف قول الحق بشكل صريح، كما أن الكثير من الكذبات البيضاء أو الكذبات المتلطِّفة تكون إجابات عن أسئلة طُرِحت على الشخص، وغالبًا ما يكون القصد من الكذبات تجنب هذا الموقف من الانكشاف، وتجنب كشف نقص الآخر، كما هو الحال في الصمت المتلطِّف، وكلاهما يُستخدم عند الشعور بالتهديد من انكشاف شعور أو رأي أو ضعف في موقف لا ينبغي له الظهور فيه أو يُستَحْسن إخفاؤه، أو بهدف حماية الآخر من المعاناة أو الألم، وتحديدًا وقايته من الفضيحة.
الفكرة من كتاب فلسفة القيل والقال: عن الكذب والنميمة والشائعات والمسائل ذات الصلة
إن للشائعات أثرًا بالغًا لا يخفى على أحد، وهي ظاهرة ليست حديثة العهد بالمجتمعات الإنسانية، بل هي ظاهرة قديمة طرأت عليها تغيرات بتغير المجتمع وتقدمه، ولَمَّا كان الأدب وثيق الصلة بالإنسان وحياته، فقد تطرق الأدباء في أعمالهم لهذه الظاهرة، كما تناولها الفلاسفة بالوصف والتفسير، وكذلك التحليل النفسي، ولم يغفلوا عن «الكذبة البيضاء» وعلاقتها بالثقافة. والطرح التالي يتناول الشائعات والمسائل المرتبطة بها في شكل مراحل تاريخية عَبَّرَت عنها نماذج أدبية.
مؤلف كتاب فلسفة القيل والقال: عن الكذب والنميمة والشائعات والمسائل ذات الصلة
ملادن دولار: فيلسوف ومحلل نفسي سلوفيني، تخرج في جامعة ليوبليانا بعد دراسته اللغة الفرنسية والفلسفة، كما درس في جامعتي «باريس السابعة» و«وستمنستر»، وهو أحد مؤسسي جمعية التحليل النفسي النظري، يعمل في التدريس الأكاديمي وباحث استشاري في أكاديمية «جان فان إيك»، ونشر العديد من البحوث والمقالات العلمية والكتب، ومن أعماله:
A Voice and Nothing More
Opera’s Second Death
ألكينا زوبانجج: فيلسوفة سلوفينية معاصرة، من أعلام مدرسة لوبليانا للتحليل النفسي، وأستاذة في كلية «الدراسات العليا الأوربية» وفي جامعة «نوفا جوريكا»، كما تعمل مستشارة للبحوث، وأستاذة في معهد الفلسفة التابع للأكاديمية السلوفينية للعلوم والفنون. تخرجت في جامعة ليوبليانا بعد دراستها الفلسفة، كما حصلت على درجة الدكتوراه، وهي مُحِِّررة مشارِكة ورئيسة تحرير مجلة نظرية التحليل النفسي والفلسفة والدراسات الثقافية، ومن مؤلفاتها:
Let Them Rot: Antigone’s Parallax
The Odd One In: On Comedy
معلومات عن المترجم:
طارق عثمان: باحث ومترجم مصري، تتمركز اهتماماته حول الفلسفة المعاصرة والعلوم الاجتماعية، وخصوصًا علم النفس، نشر العديد من الدراسات والمقالات العلمية، ومن ترجماته:
حاوي الثورة المصرية: دراسة أنثروبولوجية لظاهرة توفيق عكاشة.
ما هي الشريعة؟