الكثافة.. عواصف العواطف
الكثافة.. عواصف العواطف
يقضي الإنسان عمره باحثًا عن الإثارة التي يظن أنها ستبرر حياته، كان هذا البحث أمرًا خاصًّا بالحكام والملوك في ما مضى، حتى أصبح الإنسان المعاصر بفضل الازدهار الاقتصادي شريكًا لهم في الهوس بالإشباع الكامل للرغبات، إذ يرغب في تجربة كل شيء، وتزداد رغبته في المزيد من الشيء نفسه، رغم أنه مهووس بالتجديد والتنويع بين المشاعر والأشياء.
إن المتعة في هذا العصر تساوي الكثافة، فحتى الدعايا أصبحت مجرد تعبير للانفعالات الناتجة عن الإثارة، لم يعد ما يباع مجرد إشباع لحاجات الإنسان، وإنما هو إدراك واضح لمتعة الإنسان المعاصر، ألا وهي الكثافة.
تكمن هذه الكثافة في دواخل الأفراد، فكل فرد على حدة لديه ما يشبه العداد الداخلي الذي به يقيس كل ما يشعر، ولذلك لا يؤثر محتوى التجربة في صناعة كثافتها، فيمكن أن تكون لحظة بسيطة جدًّا، إلا أنها قد تشعر الفرد بما يشبه الصعقة الكهربائية التي تنتشله من روتين الحياة الممل، ومع تطور التكنولوجيا أصبح هناك أمل في دراسة هذا العداد، كالأساور الإلكترونية التي تسمح لمرتديها بمراقبة ذروة توتره ومعدل نبضات قلبه.
يرتبط مفهوم الكثافة بهذه الحياة بشكل تام، لأنها لا تعد بحياة أخرى في عالم آخر، وإنما تعد المجتمع المعاصر بالمزيد من الشيء نفسه والمزيد من الحياة، وهكذا أصبح كل ما يهم الإنسان المعاصر هو أن يحب ويسعد ويعيش بقدر ما يستطيع، أي أن يعيش بعمق في كل يوم وكل لحظة، ولا يرضيه غير ذلك، كيف يمكن أن تتشكل هذه النظرة إلى الحياة؟
الفكرة من كتاب الحياة المكثفة: هوس الإنسان الحديث
يعيش الإنسان حياته باحثًا عن الحياة، عن لحظات كهربائية تنعشه وتجعله يصيح “هكذا هي الحياة!”، صار الإنسان المعاصر سريع الملل دائم الرغبة في أن يجرب كل الشعور، وأن يملك كل شيء، وأن يعيش، لا يعيش فقط، بل يعيش بعمق وتنوع وجنون، وأن يعيش بكثافة.
يناقش الكتاب الكثافة باعتبارها مفهومًا فلسفيًّا، ويبحث سبب وكيفية اعتماد الإنسان عليها كنموذج حياتي، ويتطرق إلى مصير الإنسان المحتوم!
مؤلف كتاب الحياة المكثفة: هوس الإنسان الحديث
تريستان غارسيا: فيلسوف وروائي فرنسي، عمل أستاذًا في جامعة أميان، ويعمل حاليًّا مدرسًا مساعدًا في قسم الفلسفة بجامعة ليون، نُشر له عديد من الأبحاث في مجال الميتافيزيقيات.
من أعماله:
Form and Object: A Treatise on Things.
Hate: A Romance.
معلومات عن المترجم:
صلاح بن عيّاد:كاتب ومترجم تونسي، نُشر له عديد من المؤلفات والترجمات، من أعماله:
عودة الورود.
ارتعاشات النحات.
من ترجماته:
“قوة معادية”، لجون أنطوان نو.
“كلاب الحراسة”، لبول نيزان.