الكتابات العربية التأمُّلية لا العلمية
الكتابات العربية التأمُّلية لا العلمية
يمكن القول إن الدراسات والكتابات العلمية العربية التي عالجت موضوع الشخصية العربية افتقرت إلى شروط البحث العلمي بمعناه الدقيق، فقد اتسمت بعدم استنادها إلى بيانات علمية محقَّقة نظرًا إلى ندرة الدراسات الاجتماعية المتعمِّقة التي أجريت على المجتمع العربي، كما قام المثقفون العرب باصطناع لغة مجردة في تحليلاتهم للهزيمة تفتقر إلى فهم الواقع الاجتماعي والحضارة، ومع القصور الواضح في نوع وكم الدراسات التي أجريت في العالم العربي نجد إضافةً إلى ذلك أن الكتابات العربية على النكسة لم تنجح في الاستفادة من الأبحاث الموجودة والمنشورة بالفعل.
على الرغم من ذلك فإن تلك الدراسات تستحقُّ أن توضع موضع التحقيق والتجريب التاريخي، وتجدر الإشارة أن هذه الدراسات أجريت بغرض الفهم العلمي للشخصية القومية العربية بعامة، والشخصية القومية العربية بين الأقطار بوجه خاص، وتتضح من هذه الدراسات والتي تتفق معها الدراسات الأجنبية أنها تصبُّ على بعض السلوكيات السلبية التي يتصف بها الشخصية العربية والتي ورثها عن النظام الاجتماعي القديم الذي تربَّى عليه مثل سلوكيات الإزاحة والإسقاط، أي إلقاء المسؤولية على الغير، وبعض الشوائب السلوكية السيئة مثل التأخر في إبلاغ الحقائق السيئة للقادة، إضافةً إلى التمسك الوثيق بالعائلة وأثره السلبي في عدم القدرة على اتخاذ القرارات الفردية والاستقلال عن الجماعة.
وخلاصة القول في تقييم الشخصية العربية أن الدراسات التأملية والميدانية وُجِّه إليها العديد من الانتقادات التي نتجت عن القصور العلمي، ومن الانتقادات التي وجهت إلى الدراسات التأملية اقتصارها على بعد واحد لأسباب الهزيمة، وهو الفهلوة، وتصوره على أنها قوام الشخصية المصرية ولم يعممها على الشخصية العربية بوجه عام، وفسر الكتاب السلوك الفهلوي عند المصريين أن من سماته: القدرة على التكيف السريع مع مختلف المواقف، والتفاعل مع الأحداث بالنكتة المواتية، وتأكيد الذات، وسيادة نظرية رومانتيكية إلى المساواة، إضافةً إلى الطمأنينة إلى العمل الفردي والعمل على الوصول بسرعة إلى الهدف بأقصر الطرق.
كما أن الباحثين عمَّموا هذا البعد على جميع الطبقات، إلا أنها قد تنطبق على طبقة واحدة مثل الطبقة الوسطى، ومن الانتقادات التي وجهت إلى الدراسات الميدانية: اقتصارها على عيِّنة بسيطة تعيش في مكان معيَّن وتعميم هذه العينة على الشخصية العربية بشكل عام، ولذلك تجد أن تلك الدراسات لم تضع يدها على الملامح الحقيقية للشخصية العربية.
الفكرة من كتاب الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر
في أول دراسة موثَّقة عن الشخصية العربية، يحاول الكتاب بمنهجية أكاديمية غير جافة النظر إلى قضية الصراع العربي الإسرائيلي بشكل محايد ومن مدخل علم الاجتماع السياسي ومفاهيم الشخصية القومية في محاولة للإجابة على عدة أسئلة: ما النظرة المتحكمة في رؤية الغرب لنا؟ وكيف تمكَّن المثقفون والأكاديميون العرب منهم والإسرائيليون من تحليل قضية الصراع العربي الإسرائيلي من مدخل نفسي اجتماعي.
مؤلف كتاب الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر
السيد يسين: مفكر سياسي واجتماعي مصري، ولد عام 1933، وشغل العديد من المناصب كرئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والأمين العام لمنتدى الفكر العربي، إضافةً إلى عمله مساعدًا بوزارة الخارجية ومديرًا بوزارة البحث العلمي وأستاذًا لعلم الاجتماع السياسي في المركز الوطني للأبحاث الاجتماعية والعلوم الجنائية، وقد حصل على العديد من الجوائز؛ أهمها: جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، وجائزة أفضل كتاب في مجال الفكر عن كتاب “الوعي التاريخي والثورة الكونية”، وتوفي في مارس 2017.