القُدوة
القُدوة
إن الأفكار العظيمة لا تنجحُ وتنتشرُ إلا إذا كان هناك رموزٌ وقدوات يتحرَّكون بين الناسِ مُطبِّقين لها، والنُبوة مثالٌ على ذلك، فهي ربانية المصدر والمنهج لكن حركة النبي ضمن طبيعة البشر، مثالٌ عالٍ من الكمال البشري لكنه ليس خارقًا، الاقتداء به صعب لكنه ليس مستحيلًا، ونُهينا عن الإطراء الزائد لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وذلك لاجتناب الشرك بشكل أساسي، ولئلا يغيب النموذج القدوة أيضًا، فهل انتبهنا لذلك؟ لا أظن؛ إنك تجد الدعاة يقولون للناس إن الإمام فلان كان يقوم الليل بمئتي ركعة والإمام فلان كان يصلي الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة وكان السلف يفعلون كذا وكذا، يريدون بذلك تنشيط الناس وتحفيزهم، لكن نتيجة ذلك عادةً هي الإحباط، تبدو في تلك الحالات المبالغات، وإن كانت صحيحةً فهي حالات فريدةٌ وليست ظاهرة عامة، والخلط بينهما مشكلة؛ مثل تلك الخطابات تظهر الدين وكأنه لظرف استثنائي وتظهر الناس في الظرف الحالي كبشر شيطانيين لا قِبَل لهم به، حتى مجتمعُ المدينة لم يكن ملائكيًّا كما يُصور لنا،كان هناك منافقون، وكان للصحابةِ هموم ومشكلات وتجارة وعمل، وكانت هناك ذنوب وأخطاء… فهلا نعود إلى التوازن لنحسن فهم النماذج والاقتداء بها؟ ولا يتوقَّف الأمر عند تعاملنا مع نماذج الماضي وحسب، ولكن مع القدوات في الحاضر أيضًا من العلماء والدعاة وغيرهم، ينبغي لنا أن نعي أننا لا نتبعهم على أنهم أنبياء، فلا عصمة لهم ولا حصانة، لا ينبغي أن نقدِّسهم ولا ينبغي أن تحتدَّ ردود أفعالنا كثيرًا إن وجدنا منهم تقصيرًا أو خطأَ أو ضعفًا بشريًّا، بل يُقدَّر الأمر بقدره؛ رِفقًا بالناس، ورِفقًا بأنفسنا.
الفكرة من كتاب رصد الظواهر.. هكذا نحن
هل يعرف المسلم المعاصر نفسَه؟ هل يدرك دورَه في حركة التاريخ؟ هل يملك رؤية واضحة لواقعه؟ لماذا لا نتغير؟ ما الذي يعوق نهضتنا؟ تساؤلات تُثير تساؤلات أخرى، وتبعث في النفسِ شجونًا…
يحدِّثنا الكتاب عن الطريق إلى التغيير، عن القراءة والنقد، وعن الواقع والتاريخ، وعن المحن والسعادة، وغيرها؛ محاوِلًا سطر إجابات لتلك التساؤلات…
مؤلف كتاب رصد الظواهر.. هكذا نحن
إبراهيم أحمد العِسْعِسْ، مفكر إسلامي وداعيةٌ أردني، حاصلٌ على الماجستير في الحديث النبوي الشريف وعلومه، ويدرس الدكتوراه في التخصص ذاته، وهو محاضر سابق بجامعة اليرموك، ومتفرغ حاليًّا للعمل الدعوي والفكري.
له عديد من المقالات والمحاضرات على شبكة الإنترنت، ومن كتبهِ: “الصداقة والأصدقاء”، و”دراسة نقدية في علم مشكِل الحديث”،و” السلف والسلفيون: رؤية من الداخل”، و”الأمة والسلطة باتجاه الوعي والتغيير”.