القيود الإلكترونية
القيود الإلكترونية
إن استخدام تقنية تحديد المواقع “GPS” يُعد أمرًا تلقائيًّا نفعله في حياتنا اليومية، فلم يعد الأمر يقتصر على استخدام الخدمات المضمنة مع أنظمة التشغيل كالخرائط وتوقع الطقس، بل باتت أغلب التطبيقات التي نحملها بأنفسنا مثل تطبيق “أوبر” و”درايف ناو” تطلب تشغيل هذه الخاصية، وتفعيلها يُعد أمرًا سهلًا، إذ توجد أيقونة في الطرف العلوي للشاشة تتحكم في تشغيلها بشكل سريع، ولكن ما يخفى على أغلبنا هو وجود خدمات مرتبطة بتحديد الموقع لا يمكن التحكم فيها من خلال هذه الأيقونة، بل يجب الانتقال إلى الطبقات الأعمق من نظام التشغيل بالدخول إلى الإعدادات، وإيجاد أيقونة “خدمات تحديد المكان” التي تتضمن قائمة بالتطبيقات التي حمّلتها ويمكنها تحديد موقعك، وخاصية “أماكن شائعة” التي تقدم قائمة بالمناطق التي قصدتها وترتبُها تبعًا للعنوان والتاريخ والساعة، وتربطها بالخرائط المدمجة لمدينتك، هذا الكم من المعلومات عن موقعنا الجغرافي يجعلنا نتساءل.. هل صممت تقنية “GPS” لتعقبنا واستخدامها في أغراض الألعاب وتحريك عجلة الاقتصاد؟
الحقيقة أن خدمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية المعروفة بـ”GPS” شيدتها وزارة دفاع الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1973م و1995م لأغراض عسكرية لتحديد أماكن السفن، بدأ هذا عند إطلاق أول قمر صناعي أمريكي “ترانزيت”، الذي تلاه عام 1985م إطلاق عشرات من الأقمار الصناعية من الجيل الأول، وبدأ إرسال أقمار من الجيل الثاني عام 1994م، والآن وصل عدد الأقمار في الفضاء الخارجي إلى 32 قمرًا صناعيًّا نشطًا يستطيع تحديد الأماكن بدقة عالية، ومنذ إنشاء هذه الخدمة وضعت وزارة الدفاع الأمريكية استخدامًا مدنيًّا محدودًا يعمل على تردد إرسال آخر غير الذي تستخدمه بصورة أقل دقة، ولم يتوقف التشويش الاصطناعي على إشارة “GPS” للاستعمال المدني إلا عام 2000م، وخلال المدة بين عامي 1995م و2000م كانت تقنية “GPS” تستخدم لمراقبة الأشخاص المشتبه بهم، ومراقبة مرتكبي الجرائم المُدانين الذين لم يعودوا قيد الحبس من خلال ما يسمى “بقيود القدم الإلكترونية”، التي فكر فيها عالم السلوك “رالف شفيتسجيبيل” تلميذ “سكينر” بهدف التحكم في السلوك عن طريق سِوار يدٍ ينقل موضع الشخص المراقب، وقد صرح “رالف” أنه بوجود هذا السوار لن يصبح المجتمع بحاجة إلى حبس المجرم ما دام يمكن التنبؤ بسلوكه في البيئة المحيطة به.
الفكرة من كتاب عصر نهاية الخصوصية: انكشاف الذات في الثقافة الرقمية
نعيش اليوم في عصر مليء بالاختراعات التي لم نُفكر يومًا “من أين أتت؟ وماذا كان الهدف من وجودها؟ وهل حقًّا علينا التخوف من التقدم السريع للتكنولوجيا الذي يؤدي إلى وجود سلطة “الأخ الكبير”، التي ذكرها الكاتب جورج أورويل في روايته “1984”، أم علينا أن نستمع إلى الدعوة القائلة إن سلطة المراقبة انتهت بنشأة الثقافة الرقمية؟”.
هذه الأسئلة والمخاوف نجدها في كتابنا، إذ يقدم إلينا الكاتب الحقيقة حول التقدم التكنولوجي السريع، وحقيقة السلطة الرقابية التي يتعرض لها الجميع.
مؤلف كتاب عصر نهاية الخصوصية: انكشاف الذات في الثقافة الرقمية
أندرياس برنارد: أستاذ الدراسات الثقافية في جامعة لوفانا في لونبورج بألمانيا، ورئيس مركزها للثقافات الرقمية، درس النقد الأدبي والدراسات الثقافية في ميونيخ، وكان مساعد باحث في جامعة باوهاوس فايمار وفي جامعة كونستانس، مهتم بالتأليف في تاريخ الاختراعات، ومن كُتبه:
“Lifted: A Cultural History of the Elevator”
“Theory of the Hashtag”
معلومات عن المترجم:
سمر منير: مترجمة لها ترجمات عديدة في مختلف المجالات، منها:
كتاب “الشاي: ثقافات – طقوس – حكايات” لكريستوف بيترز.
رواية “ف. و. م. و. Fear Of Missing Out” لألموت تينا شميدت.