القيمة الذاتية
القيمة الذاتية
لنتمكن من الوصول إلى الدرجة العالية من الوعي، لا بد أن نعرف الحد المعاكس للوعي وهو الأنا، الأنا تربط كياناتنا بأجسادنا وأفكارنا وشهاداتنا، هذه الأنا هشة تتغير وتتشكل حسب الموقف، لذا هي في حالة خوف دائم من أن تُسلب قيمتها، وبالفعل تُسلب قيمتها ممن هو في موضع أقوي، وقد تَسلب قيمة من هم في موضع أقل منها لتعويض هذا النقص.
وهناك علامات تدل على نقص القيمة الذاتية، من هذه العلامات المثالية، فهي وسيلة لإلهاء العقل عما يدور بالداخل، ولكنها تدريجيًّا تتحول إلى سجن وتشل صاحبها عن الحركة والإبداع، كذلك تقليل قيمة العمل الجيد، وتضخيم قيمة الأخطاء، فلا نتقبل الخطأ ونرى المدح مجرد مجاملة، هناك أيضًا القسوة على النفس، فنهول النتائج لنحصل على قدر أكبر من التحكم، ونتمادى في الشعور بالذنب تجاه الأخطاء.
ولنعالج نقص القيمة الذاتية علينا أولًا أن نرجع إلى أصل المشكلة، ثم نزج بأنفسنا في تجارب حياتية لنصقل وننمي من مهاراتنا وثقتنا، ولا نتهرب من الشعور بتدني القيمة الذاتية، فهذا الشعور صحي يدل على إدراكنا للمشكلة، وهنا نقطة بداية التغيير، لكن يُمكن أن يكون هذا الشعور غير صحي إذا تُرجم إلى قسوة تجاه النفس، فلا بد أن نتحدث مع أنفسنا برفق وحب، فإذا لم نصل إلى ما نبتغي لا نصف أنفسنا بالفشل، بل نشكر أنفسنا على ما بذلناه من جهد، ونعتبر هذه تجربة وستليها تجارب أخرى قد لا نُوفق فيها، لكن الأهم ألا نتوقف عن المحاولة.
ولنرفع أكثر من قيمة أنفسنا ينبغي أن نتخلص من الاعتذار المفرط، الذي نعتبره مظهرًا من مظاهر الأدب، لكن أحيانًا يكون الأمر مبالغًا فيه، فلماذا نعتذر في أثناء تقديم فكرة في اجتماع أو نعتذر عند تنبيه موظف بخطأ في طلب، فواجبنا تجاه أنفسنا أن نعززها ولا نكتفي بإعطائها ما تستحق بل أكثر مما تستحق من مال وعلاقات ومدح، وإن لم يمنحنا من حولنا ما نستحق ولم يحترموا وقتنا وجهدنا، فلن نخشى أن نواجههم بمنتهى الصرامة ودون انفعال، فسواء كان زميلًا أم مديرًا سننظر له نظرة مجردة، ونواجه دون خوف.
الفكرة من كتاب المنهج الذي لا يُُدرس
قلق مزمن، وتوتر، وخوف من المستقبل، وتشتت، وضياع، وصراعات يومية سواء مع النفس أو مع الغير، أصبح هذا هو الوضع السائد في عصرنا الحالي، نجتهد في الدراسة، ونستيقظ مبكرًا، ونضع جداول وخططًا بهدف تنظيم الوقت، ونتأهب لقهر أعدائنا، ونتخرج ونعمل باجتهاد، ونستغني عن ساعات الراحة والأوقات الممتعة التي نقضيها مع الأهل أو الأصدقاء بهدف الوصول إلى حالة من الاستقرار والرضا في المستقبل، لكن لا نُدرك أن هذا الاستقرار لا يتحقق بالوصول إلى الأهداف أو بالحصول على الاعتراف من الآخرين،
فالاستقرار يبدأ من الداخل عن طريق زيادة درجة الوعي والشعور بالقيمة الذاتية العالية التي بدورها تحرر العقول لتُبدع، وهذا هو هدف الكتاب، لكن انتبه.. لن تجد هنا خطوات مباشرة للوصول إلى الاستقرار، بل سنعرف معًا معوقات الوصول إلى الاستقرار الداخلي، ومن ثم سنصبح قادرين على تكوين المنهجية الخاصة بنا.
مؤلف كتاب المنهج الذي لا يُُدرس
خولة فؤاد على: طبيبة بحرينية، استشارية في أمراض الغدد الصماء والسكري والسمنة، وأستاذة مساعدة بالكلية الملكية للجراحين بأيرلندا – جامعة البحرين الطبية، تخرجت في مستشفى وايل كورنيل بنيويورك، ومستشفى كليفلاند كلينك بالولايات المتحدة الأمريكية، ويتابعها أكثر من ٢٠٠ ألف متابع، وشاهد محتواها ما يزيد على مليون شخص من مختلف الدول العربية والعالمية، فهي تُعد من رواد التثقيف الطبي والحياتي في وسائل التواصل الاجتماعي.