القياس وأخطاء القياس
القياس وأخطاء القياس
لنفترض أنك قرأت مقالًا موثوقًا به عن كلية الطيران، وعلمت أن الكلية تشترط أن يكون عمر المتقدم أقل من 30 سنة، ثم ذكر صديق لك أن ابن أخيه (سامي) قد انضم إلى كلية الطيران، فإنك تستنتج من تلك المقدمتين أن (سامي) يقل عمره عن 30 سنة، ومثال آخر: تعرف أن الأشخاص الذين يكذبون لا يوثق بهم، وأن صديقك (رأفت) يكذب؛ إذن رأفت لا يوثق به، وبما أن المقدمتين صادقتان فإن النتيجة صادقة أيضًا، وهذا هو الاستدلال القياسي أو القياس.
يبدو القياس وكأنه أسلوب سهل للتفكير المنطقي، وهو كذلك إذا كنا حذرين في استخدامه، ولضمان الوصول إلى نتائج صادقة فلا بدَّ من صدق المقدمات المعتمد عليها، وإلا فلا يمكن الوثوق بالنتيجة. دعني أخبرك أن صدق المقدمات قد لا يضمن لك صدق النتيجة أيضًا، كيف ذلك؟ يمكننا أن نقع في الخطأ نتيجة عدم صحة الاقتران؛ بمعنى لو قلنا: “جميع رجال العصابات يملكون أسلحة نارية”، و”هاني يملك سلاحًا ناريًّا”، ثم استنتجنا أن “هاني من رجال العصابات”.. هل ترى ذلك صوابًا؟ تأنَّ وفكِّر؛ هل رجال العصابات وحدهم من يملكون الأسلحة النارية؟ ماذا لو عكسنا القضية الأولى لتكون “كل من يملك سلاحًا ناريًّا فهو من رجال العصابات”؟ بذلك يتبيَّن الخطأ، فكم من أناس يملكون سلاحًا ولكنهم لم يقترفوا جُرمًا قط!
هناك خطأ آخر يتعلَّق بالحكم على الكل بما يحكم به على الجزء، فلو قلنا إن “كل طائر له ساقان”، وأن “كل طفل له ساقان”، ثم استنتجنا أن “كل الأطفال طيور” فإننا بذلك نستخدم القياس دون دقة. ومن الأخطاء أيضًا التي قد يرتكبها الواحد في الاستدلال بالقياس هو الخطأ الناشئ عن الاحتكار؛ أي إن لم يكن الفرد أحد أفراد مجموعة كبيرة فإنه لن يتصف بأي صفة من الصفات، مثلًا: “رجال الدين أمناء” – “جورج واشنطون لم يكن من رجال الدين” إذًا فإن جورج واشنطون لم يكن أمينًا، وهذا الخطأ واضح بشدة، ففكرة أن رجال الدين أمناء لا تعني أن غيرهم -كالأطباء مثلًا- لا يمكن أن يكونوا أمناء.
الفكرة من كتاب الطريق إلى التفكير المنطقي
يعد هذا الكتاب دليلًا مُرشدًا للتفكير السليم دون الدخول في متاهات علم النفس أو علم المنطق، ويقدم للقارئ مدخلًا لفهم التفكير ومكوناته وطرق الحصول على الحقائق، مستعرضًا أهم وأبرز أخطاء التفكير والمغالطات المنطقية الأكثر شيوعًا التي يمكن أن نقع فيها أو تلك التي يستخدمها الآخرون للتأثير فينا.
مؤلف كتاب الطريق إلى التفكير المنطقي
ويليام شانر William Shanner: كاتب، ولد عام 1915م، وعمل ضمن مديري معاهد البحث العلمي بأوكلاهوما، ونُشِر له هذا الكتاب، وله كتاب آخر هو “القدرات العقلية الأولية والإنجاز الأكاديمي” نُشر بين عامي 1944 و1947.