القوَّة عند البلاء
القوَّة عند البلاء
حين نتأمَّل قصَّة السيدة آسيا امرأة فرعون نُلاحظ شيئًا عجيبًا، كانت آسيا تحت أشد أنواع العذاب، وكان زوجها فرعون أكبر طاغية على الأرض، وفي لحظاتها الأخيرة كان التعذيب شديدًا، ولكن حدث شيء عجيب.. ابتسمت آسيا، كيف يمكن لذلك أن يحدث؟ كيف يمكن مواجهة واحدة من أعظم المصائب بهذا الصبر؟ إن معيار تحمُّل المصائب يعتمد على درجة العون الإلهي، فلا شيء سهل إلا إذا سهَّله الله على العبد، فإن الله (عز وجل) يختبر درجة إيمان العبد من خلال البلاء، ومع الاختبار يُرسل عونه الإلهي ليخرج العبد من البلاء راضيًا مرضيًّا.
ولكن حين يتعلَّق الأذى بالآخرين فكيف يكون لنا القوَّة التي نستطيع تجاوز ظلمهم معنا؟ نستطيع تذكر موقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين رُمى بالحجر حتى نزف، وعُذِّب هو وأصحابه، ورغم ذلك استطاعوا تجاوز تلك الآلام، لأنهم وضعوا ثقتهم الكاملة في الله (عز وجل)، واستعدادنا للتسامح يجب أن ينبع من إدراكنا لعيوبنا وأخطائنا تجاه الآخرين، فعندما نُذنب يغفر الله لنا ذنوبنا، فيغفر لعباده في الليل والنهار، فمن نحن حتى نمتنع عن الصفح؟ إذا كنا نأمل أن يغفر الله لنا، لهذا يُعلِّمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أن “من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل”.
فالمعاناة من الحياة أو من غيرنا أمر موجود في الدنيا، والنظر إلى المعاناة قد يقلبها نعمة، وذلك حين يرى العبد أنها كانت سببًا في أن يقترب من الله (عز وجل)، فالحسن والقبيح يأخذ كلٌّ منهما معناه بمقدار قربنا أو بعدنا من الله به، لذا نجد أن الصالحين يُبتلَون، لكنهم في بلائهم يزدادون قُربًا من الله (عز وجل)، وبالتأمل في حياتنا نلاحظ أن الكثير من الأشياء التي كنا نُريدها حين أبعدها الله عنَّا كانت هذه اللحظة نعمة عظيمة، فالبشر محدودون، ليس لديهم العلم الكامل لمعرفة ما هو الخير أو ما هو الشر، كالطفل الذي يُبعده والده عن خطر يريد الطفل الاقتراب منه، فالأب يعلم ما لا يعلمه الطفل، ورغم ذلك نجد أن الطفل يبكي لأنه لا يعلم الخطر الذي كان سيُقبل عليه، فالمال مثلًا الذي يتمناه الكثير من الناس قد يكون وبالًا على صاحبه كما كان قارون تمامًا، فتلك الثروة جعلته مُتكبّرًا عاصيًا لله (عز وجل)، يقول تعالى ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾.
الفكرة من كتاب استرجع قلبك
يحاول الكتاب في تجربة فريدة إيقاظ القلوب وتقديم منظور مختلف لمعاني الحياة، فما حقيقة الحب والألم؟ وهل التصوُّرات تجاه علاقاتنا بالله وبمن حولنا صحيحة؟ هنا تتناول الكاتبة هذه التساؤلات مُضيفة إليها قدرًا من الهدوء والسلام والنفسي.
مؤلف كتاب استرجع قلبك
ياسمين مجاهد: كاتبة ومتحدثة، حصلت على البكالوريوس في علم النفس، والماجستير في الصحافة والإعلام، وقد درَّست الدراسات الإسلامية بعد إتمامها الدراسات العليا، وهي كاتبة عمود في صفحة الشؤون الإسلامية بجريدة “إن فوكس نيوز”، تعمل حاليًّا كاتبة ومتحدثة على موقع “هاف بوست”، ولها برنامج على إذاعة “راديو نيو ليجاسي” تتحدَّث فيه عن الصفاء والطمأنينة.