القومية
القومية
من غير المقبول في عصر التجمُّعات والتكتُّلات أن نجد شعبًا واحدًا كالشعب العربي مجزَّءًا إلى ثلاث عشرة دولة منفصلة فتتخذ الدول المسلمة مواقف متعارضة في العديد من القضايا الدولية المهمَّة، وأن نرى المسلمين في مصر وغيرها من بلاد المسلمين لا يعبأون بمعاناة إخوانهم المسلمين في إثيوبيا وكشمير، والأدهى من ذلك هو استمرار حالة الانقسام والتنافر التي نراها بين المسلمين.
والقائلون إن وحدة المسلمين حلم لا يمكن تحقيقه فإنهم يعبِّرون عن عجز يستشعرونه في أنفسهم، ففكرة وحدة جميع المسلمين ليست من اختراع الإنسان، بل من صميم القرآن قال تعالى: ﴿إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ِ، وهي بديهية حافظ عليها الإسلام وحرص على أن تظل مجددة في قلوب المسلمين وعقولهم من خلال فريضة الصوم التي يشارك فيها جميع المسلمين، وكذلك من خلال فريضة الحج حيث يتجمَّع المسلمون من أنحاء الأرض في بيت الله الحرام، وهكذا يبثُّ الإسلام شعورًا واحدًا متصلًا بالانتماء والوحدة في أرجاء العالم المسلم، وتتجلَّى مشاعر الوحدة المشتركة في قوَّة الشعور بالتعاطف والتضامن الذي يكنُّه المسلمون لإخوانهم عقب أي كارثة تحل ببلد مسلم، فلماذا لا ترقى هذه المشاعر إلى مستوى الوعي الحقيقي بالمصير المشترك؟!
ويرجع تاريخ نشأة القوميات في العالم كحركات شعبية لتأكيد خصائص الشعوب الثقافية كالفنون الشعبية واللغة، ولكن تحولت القومية في بلاد المسلمين إلى طراز ممسوخ من القوميات، فهي قوميات في مظهرها وتفكيك لها في الواقع العملي، فقد وجد دُعاة القومية في كثير من بلاد المسلمين أنفسهم في تصادم تلقائي مع ماضي الشعوب المسلمة وتقاليدها، ومن ثم شرعوا في القيام بنوع من تفكيك القومية استمرارًا للدور الذي كان يقوم به المستعمر سابقًا، وليس أدل على ذلك من وضع اللغة العربية في بعض البلاد العربية، ولذا تكمن أهمية الوحدة الإسلامية في الوقت الراهن في محاولة التوفيق بين المشاعر والوعي بحيث نتقبَّل هويَّتنا الحقيقية وننبذ ما ليس منا، ممَّا يساعد على تحديد طبيعة القومية ومصيرها في العالم المسلم.
الفكرة من كتاب الإعلان الإسلامي
إن “المجتمع الإسلامي لا يُبنى ولا يتم إصلاحه بالقانون أو باسم القانون، ولكن باسم الله وعن طريق تعليم الإنسان المسلم وتربيته”..
يناقش الكاتب في هذا الكتاب قضايا الأمة المسلمة ومبادئ النهضة والعوامل الخارجية المؤثرة في تقدمها وكيفية التعامل معها باقتراح حلول بناءة بتكثيف الجهود والمثابرة في العلم والعمل، ويُعدُّ هذا الكتاب هو الشقُّ العملي لفكر الكاتب حيث يضع فيه بيجوفيتش المبادئ التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي موجهًا الحديث إلى المسلمين الذين يعلمون إلى أي كيان ينتمون، ومن ثم معرفة ما تحتِّمه طبيعة هذا الانتماء.
مؤلف كتاب الإعلان الإسلامي
علي عزت بيجوفيتش : ناشط سياسي وفيلسوف إسلامي وأول رئيس جمهوري لجمهورية البوسنة والهرسك، ولد عام 1925 م بمدينة بوسانا كروبا، تخرج في جامعة سراييفو في القانون والآداب والعلوم، عمل مستشارًا قانونيًّا لمدة 25 عامًا ثم اعتزل وتفرَّغ للبحث والكتابة، حكمت عليه السلطات الشيوعية بالسجن خمس سنوات عام 1949م، وأفرج عنه سنة 1954م، أنشأ حزب العمل الديمقراطي بالتعاون مع أصحابه وخاض به انتخابات البوسنة المستقلة عام 1990م وفاز بأغلبية ساحقة، صمد علي عزت بيجوفيتش وشعبه الأعزل في مواجهة الغزو الصربي لا أمل له إلا في وجه الله ونصر من عنده.
من أهم مؤلفاته: “الإسلام بين الشرق والغرب”، و”الفرار إلى الحرية”، و”الأقلية الإسلامية في الدول الشيوعية”، نال علي عزت جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1993م، وتُوفِّي في التاسع عشر من أكتوبر عام 2003م عن عمر يناهز الثامنة والسبعين بعد جهاد وكفاح مرير.