القنوط من الأسباب لا من المُسبب
القنوط من الأسباب لا من المُسبب
إذا أمعنا النظر في قصة قاتل المائة نفس، نجد أن الفارق بين الراهب والعالم؛ هو أن الراهب أغلق باب الأمل في وجه القاتل، ولم يُدرك سعة رحمة الله، أما العالِم فقد كان موقنًا برحمة الله التي وسعت كل شيء، وعليه فقد وجَّه العالمُ القاتلَ إلى أسباب تحصيل الرحمة، ففي اليأس حرمان النفس من الراحة وتعجيل بشقائها، كما جاء في قوله تعالى على لسانه يعقوب (عليه السلام): ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾، وعلى المسلم أن يسعى لنيل الرحمة بالأسباب المشروعة، أما الأسباب غير المشروعة، فإنها تنقلب على الإنسان لتصبح حجة عليه.
ومن الناس من يخلط بين الأمل وحسن الظن بالله، فمنهم من يعتريه اليأس مع تكرار المحاولات، ويصبح في نظر غيره قانطًا، مع أنه في حقيقة الأمر يأس من الوسيلة فقط! بل ربما يُخيل للبعض أن هذه العسرة إنما هي بزوغ للفجر القادم، في حين أن الأمر بعيد كل البعد عن تلك الاحتمالات العشوائية، ومن هذا المُنطلق كان على النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يبقى في مكة مهما حدث، وأن يستمر خالد بن الوليد (رضي الله عنه) في قتال جيش مؤتة إلى الأبد، لذا لا بدَّ أن ننتبه مواطن الثبات وعدم التزحزح، ومواطن المرونة والمناورة ذلك لا يكون إلا بتعلم أحكام الإسلام.
الفكرة من كتاب وقت مستقطع.. تأملات قرآنية في واقع مضطرب
يهدف المؤلف إلى تصحيح بعض الموازين المغلوطة عند الناس، وذلك عن طريق استقطاع بعض من الوقت للوقوف على تلك الإشكاليات، مُستندًا إلى أضواء من الكتاب والسنة المحمدية؛ بهدف ضبط بوصلة الفرد المسلم، ومنها إلى الارتقاء بالمجتمع الإسلامي ككل، مؤكدًا أهمية حرص المسلم على تحصيل حد أدنى من العلوم الشرعية في الأصول الأساسية، والتي لا غنى عنها لكل فرد، مع الصبر على الفتن ومواجهة التحديات التي تصيب الإنسان كجزء والمجتمع ككل.
مؤلف كتاب وقت مستقطع.. تأملات قرآنية في واقع مضطرب
معتز عبد الرحمن: مهندس إنشائي مصري، تخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 2007، له العديد من المقالات المنشورة في مواقع إلكترونية مختلفة، مثل: البديل ومنبر الشرق، وقصة الإسلام.
للمؤلف كتابان: “وقت مستقطع.. تأملات قرآنية في واقع مضطرب”، و”أزمة البخاري”.