القطاف والعصر والحفظ
القطاف والعصر والحفظ
منذ القدم تنوَّعت مصادر استخراج الزيت فقد كان في مصر يستخرج الزيت من بذور الفجل ومن شجرة البان ونبتة الخروع، وكانت طرق إنتاج زيت الزيتون تختلف من عصر إلى آخر، ومن منطقة إلى منطقة بداية من الطريقة اليدوية، حيث يعصر الزيتون باليد أو بالقدم مرورًا بالأحجار والطواحين انتهاءً إلى الآلات الحديثة، ويخبرنا التاريخ أن أول أداة هرس وعصر الزيتون اكتشفت كانت في دولة فلسطين قديمًا، واكتشف أيضًا أداة أكثر تطورًا يطلق عليها معصرة ذات العتلة في جزيرة كريت ذات المركز المهم في صناعة وإنتاج الزيتون، كما ذكر التاريخ حضارة الرومان حيث كانت أول أداة استخدموها في العصر والهرس هي حجر الرحى ومن بعدها اخترع طاحونة الترابيتوم، ويوضح هذا التطور اهتمامهم الكبير بزراعة الزيتون وإنتاج الزيت، إذ كان لديهم خطوات مكتوبة لعمليات إنتاج وحفظ وتعبئة الزيتون، وقوانين صارمة لقطف الزيتون بطريقة يدوية للحفاظ عليه وكان لهم تاريخ محدد للقطف في تشرين الثاني (نوفمبر)، وتشابهت معهم إيطاليا في العصور الوسطى في تاريخ القطف، إذ كان بداية من الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر).
ومع تنوُّع عمليات استخراج الزيت في حضارات مختلفة، كانت لحضارة الرومان معايير جودة للزيتون والزيت محددة ومكتوبة، إذ إن استخراج زيت عالي الجودة يعتمد على كونه أول عصرة للزيتون، أما زيت الدرجة الثانية يستخرج من العصرة الثانية، والعصرة الثالثة يخرج منها زيت عادي، كما كانت هناك معايير جودة خاصة بليني الأكبر ذكر فيها أن الزيتون الأخضر غير ناضج يخرج منه أعلى وأفضل الزيوت جودة، كما يتشابه مع زيت الزيتون الأبيض (Oleum ex albis ulivis)، ويأتي بعده أنواع زيوت مختلفة أقل جودة منه كالزيت الناضج (Oleum maturum)، والزيت المتهالك وأقل وأسوأ نوع الزيوت جودة هو زيت أوليوم سيباريوم (Oleum cibarium)، وكان يُخصَّص للاستعمال في الإنارة كما كان يستهلك من قبل طبقة العبيد، وعلى الرغم من أهمية استخدام ثمرة الزيتون في استخراج الزيت فإن بعض الطبقات الكادحة الفقيرة كانت تفضِّل حفظ بعض الزيتون باعتباره جزءًا من وجبة دسمة يحفظ في محلول قلوي أو محلول ملح أو ملح جاف.
الفكرة من كتاب الزيتون – التاريخ الكوني
تسرد فابريزيا لانزا تاريخ ظهور الزيتون على الأرض مرورًا بحضارات وثقافات مختلفة، فتجد أنه كان يمثل رمزًا لطقوس كثيرة في كل منطقة مختلفة في أكثر من بلد، إلى أن وصل إلى أكثر من مائدة طعام مختلفة حول العالم، حيث دخل الزيتون وزيت الزيتون أصنافًا كثيرة متنوعة بين الحلو والحامض.
مؤلف كتاب الزيتون – التاريخ الكوني
فابريزيا لانزا Fabrizia Lanza: ولدت في باليرمو بإيطاليا عام 1961، وهي باحثة في الثقافة الغذائية، وصاحبة مدرسة الطبخ الصقلي المرموقة “آنا تاسكا لانزا” التي أسَّستها أمها في صقلية، حاصلة على شهادة البكالوريوس في تاريخ الفن، وكانت رئيسة التحرير السابقة لمجلة الذواقة، وشاركت في تأليف كتاب “العودة إلى الوطن الصقلي” مع كيت وينسلت عام 2012.
معلومات عن المترجم:
عمر سليم التل: مترجم وباحث، يحمل شهادة الماجستير في التاريخ، والبكالوريوس في العلوم السياسية، عمل مديرًا للمنتدى العربي في عَمَّان، ألف وترجم وراجع كتبًا عديدة، ومنها ترجمته لكتاب “الإنسان والدولة والحرب” لكينيث والتز، وكتاب “ذواقة العسل” لكارلا مارينا وكيم فلوتم.