القصة التحليلية
القصة التحليلية
لقد أشار الكاتب إلى بعض الملاحظات المهمَّة في القصة العادية (غير التحليلية)، وهي وحدة الموضوع والبداية السريعة التي تجذب القارئ، وبساطة الأسلوب، وتسلسل الفقرات، وأن تكون النهاية هادفة ومرضية للقارئ، بحيث إذا اقترب الكاتب من النهاية فعليه أن يسرع في استنفاد عناصر التشويق حتى يصل إلى خِتام القصة سريعًا؛ ما دام قد استنفد كل أغراض القصَّة.
أمَّا القصة التحليلية فهي تحتاج إلى موهبة خاصَّة، وهي صعبة في كتابتها، لأنها تحتاج إلى قوَّة ملاحظة ومقدرة رهيبة لوصف أعماق النفس البشرية، كما تحتاج إلى الاطلاع الواسع على علوم النفس والمنطق، فالهدف من القصة التحليلية هو إلقاء ضوء ساطع وغير عادي على شريحة من الحياة، إذ إنها تعبر إلى عمق إحساس القارئ وتوسِّع آفاقه.
وليست الموهبة وحدها هي ما يجعل الكاتب يتقن هذا النوع، بل إنه يحتاج إلى الدراسة والجهد والخبرة، فالقصة التحليلية تحمل في طيَّاتها أجمل عناصر التشويق على الرغم من خلوِّها من الحبكة لأن خطوطها متوازية، وليس كل شخص سيكون قادرًا على الغوص في أعماق الجمادات والبشر والكائنات ووصفها وصفًا دقيقًا، فقد نرى أن البعض يبدع في وصف باب عمارة ما، بل ويتفنَّن في شرح تفاصيله وكأنه كائن حي، وقد نرى البعض أيضًا يتطرَّق إلى التفكير في هموم المارَّة في الشارع ويصف أحلامهم وآلامهم، وخلاصة القول أن الكاتب المبدع من الممكن أن يجعلك ترى الزهرة في صورة آدمية، كما أنه يستطيع أن يسلِّط الضوء على ما لا يخطر ببالك.
الفكرة من كتاب فن كتابة القصة
القصة القصيرة هي حكاية تجمع بين الحقيقة والخيال وتُقرَأ في مدة تتراوح ما بين ربع ساعة وثلاثة أرباع الساعة، وهي تستلزم نوعًا من حيوية الأسلوب وروعة التركيبات التي تصل إلى أعماق القارئ، وتهزُّ وجدانه، وتحرِّك شيئًا ما في قلبه.
وهذا ما سنعرفه من الكاتب، حيث يتحدَّث عن فنون كتابة القصَّة وأهم عناصرها وأبعادها.
مؤلف كتاب فن كتابة القصة
حسين القباني: أديب صحفي من التراجمة، عاش يتيمًا عاجزًا مقعدًا، ولكنَّه واصل تعليمه بطريقة ذاتيَّة وكسب المال من عمله في الترجمة، عُيِّن كاتبًا صحفيًّا، وقد ترأَّس تحرير عدد من المجلات الثقافية، وكانت له ندوة أسبوعية عرفت باسم “ندوة القباني” ورصد لها جائزة، ضمَّت نخبة من رجال الثقافة والفكر، وتخرَّج فيها أدباء لمعت أسماؤهم.
من مؤلفاته: “حول العالم في كرسي متحرك“، و”الحب في فيينا“، و”الطريق إلى القدس“.
وترجم نحو مائة كتاب منها: “كوخ العم توم”، و”الرحالة الصغيرة في ألمانيا“.