القرآن يعرفك بربك
القرآن يعرفك بربك
أين تقع أسماء الله الحسنى حتى أدعوه بها؟ من أين آخذها وما مرجعي فيها؟ وهل هي تسعة وتسعون اسمًا فقط؟
إن مسألة عد أسماء الله وتعيينها تحديدًا موضع خلاف بين العلماء، ويرجع السبب في ذلك أن عددها ليس توقيفيًّا أي إنه لم يرد فيه حديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا أن قوله (صلى الله عليه وسلم): «مائة إلا واحدًا»، إشارة إلى عدد ورقم حقيقي فهي موجودة مقصودة، إذًا، فأين نجدها؟
بالطبع في كتاب الله جل وعلا موجودة فيه ظاهرة غير مخفية، وذلك لحاجة الناس إليها، فكلما قويت واشتدت حاجة الناس إلى ضرورة من الضروريات، أقام الله عليها الأدلة وأظهرها عيانًا بيانًا، ولا شك أن معرفة الله والتقرب إليه بأسمائه وصفاته من أهم تلك الضروريات.
ومن عدَّ تلك الأسماء من القرآن الكريم ذهب إلى أنها قرابة الثمانين اسمًا، وقد يختلف عد كل واحد، وهذا راجع إلى تحديد كل واحد وتعريفه لمعنى الاسم أصلًا وما المقصود منه، أي هل نكتفي بمجرد اللفظ الواضح لنعتبر ذلك اسمًا، أم أنه يمكننا أن نضم إليه المعنى والمفهوم؟ ويرجح الكاتب المعنى الثاني على الأول، أي إن المفهوم وحده من السياقات والأدلة يكفي للفهم والتعبد به، وورد في السنة من الأسماء الحسنى والصفات العلى الكثير، وجهة ورودها فيها إنما هو من قبيل التفصيل وبيان الفضل لما ورد في القرآن الكريم، فالقرآن مجمل والسنة مبينة له.
إذًا أسماؤه سبحانه موجودة في الآيات سواء جاءت بلفظ مفرد معين كقوله تعالى في آخر سورة الحشر: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾، أم جاءت في وصف الله لنفسه أو قدرته أو ما يفعله من إهلاك أو خفض أو رفع أو ذل أو عز، فلا تكلف نفسك عناء البحث والعد والإحصاء، يكفيك أن تتعلم وتدعو بما هو موجود في الكتاب والسنة تقربًا وتأملًا، رجاء أن تنال بذلك الوعد المذكور في الحديث من دخول الجنة.
الفكرة من كتاب كاشف الأحزان ومسالح الأمان
واهم هو من ظن أو اعتقد أن أهل الصلاح أو العلم أو الدعوة لا ينالهم من البلايا مثل ما ينال سواهم، وذلك لفضل علم عندهم أو تقوى، والحقيقة هي أن أشد الناس بلاء هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، والله إنما يبتلي العبد لحكمة ولخير إما ليعلمه وإما ليربيه أو ليفتح عينيه على ذنب كاد يهلكه، أو ليرفع درجته بهذا البلاء في الجنة درجة ما كان سيبلغها بعلمه ولا عمله وغيرها من الحكم التي لا يعلمها إلا الله.
مؤلف كتاب كاشف الأحزان ومسالح الأمان
فريد الأنصاري: عالم دين وأديب، مغربي الجنسية، حصل على الدكتوراه في تخصص أصول الفقه وعمل خطيبًا وواعظًا في العديد من جوامع مدينة مكناس بالمغرب، كما ترأس العديد من المناصب للمجالس والشؤون الإسلامية.
من أبرز مؤلفاته:
جمالية الدين.
ميثاق العهد في مسالك التعرف إلى الله.
بلاغ الرسالة القرآنية من أجل إبصار لآيات الطريق.
سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة.