القرآنُ مركز كل شيء
القرآنُ مركز كل شيء
وفي غير موضعٍ جاء القرآن ليُذكِّر الصحابة بالمواقف التي كاد فيها الكفار أن يفتكوا بهم، لكن نجَّاهم الله منها، فيُحيي القرآن بذلك علاقة القلب بالله وضرورة التوكل عليه، وأن يعلم المرء أن سلامته ليست أمرًا عابرًا وإنما هي فضل من الله ورحمة، فحين يتحدث القرآن عن ظاهرة المصائب، نجده بعد أن شرَّع اتخاذ الأسباب، عمل على ربط الفؤاد بالله تعالى واعتماد فكرة “الضَّمان الإلهي” الذي يجعلنا نمر بأزمةٍ ونتخطاها رغم أن كل حساباتنا تقول إنه من المستحيل تخطيها، والمؤمن يتيقَّن أن الله تعالى هو كاشف الضُّر وهو أيضًا من قدر مسَّنا بهذا الضُّر، إذًا فُمبتدأ الأمر ومنتهاه من الله وإلى الله.
وبالانتقال من مشكلة الفرد إلى مشاكل المجتمع وقضاياه، فالأمر هُو هو لا تغيير فيه لأن الله له حكمته في تقدير الأزمات المجتمعية التي يريد بها من عباده العودة إليه ﴿وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، إذًا فكل راحة وكل أزمة تتوجَّب الارتباط بالله تعالى للعلم أن لا ملجأ منه إلا إليه، ولا نكون ممن قال الله عنهم: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾.
بل حتى لما وضع القرآن تعريف الصحبة الصالحة، كان قوله تعالى لنبيه: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾، أي في من تعلَّقوا بالله وذكروه، إذًا لماذا جاءت أهمية الذكر لهذه الدرجة التي جعلته أكثر ما ردَّده القرآن بعد التوحيد؟ بالتأكيد هناك أمرٌ خفيُّ تنتظم به حياة المرء وظاهرة أراد الله أن يصطفي بها عباده الذاكرين، فمن الضروري أن يحافظ المسلم على وِرد يومي له منه وأن يتدبَّره ويخصِّص وقتًا ولو بسيطًا لمعرفة تفسير بعض الآيات.
الفكرة من كتاب الطريق إلى القرآن
حين تمر أعوام المرء عليه يجد نفسه قد تعلَّق بالدنيا وغفل عن كل أساسٍ بناه الإسلام والقرآن، قد يُصلِّي ويقوم بعباداته ولكن دون الخيط الذي خُصِّص هذا الكتاب بأكمله لأجله، وهو أن كل شيء وكل حدثٍ مرتبط بالله (عز وجل)، وقد لجأ المسلم إلى الحياة المنطقية التي ابتعدت كل البعد عن الثقة في تدبير الله والضمان الإلهي، وخصوصًا فيما يتعلق بأمور الرزق والوظيفة والحياة عمومًا، ولم يكن القرآن أبدًا بعيدًا عن النهضة والحضارة كما يدَّعي البعض.
مؤلف كتاب الطريق إلى القرآن
إبراهيم السكران: هو باحث ومفكر إسلامي، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كما نال درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا، ومن أهم مؤلفاته:
رقائق القرآن.
الماجريات.
سلطة الثقافة الغالبة.