القدرة الشرائية
القدرة الشرائية
تعدُّ الأجور الحقيقية بعد خصم معدلات التضخُّم هي الرافد الأساسي للقوى الشرائية للمجتمع، ذلك أن الأجر إذا زاد بمعدل الإنتاجية الحدية نفسه أدى إلى الحفاظ على القوى الشرائية للمستهلكين، لذلك ثارت الدعاوى لتصحيح كفتي ميزان الأرباح والأجور، والتي تميل إلى صالح طبقة الملاك والمساهمين، ولا ننكر بالطبع أن رفع الأجور له أسس اقتصادية واجتماعية أيضًا، فبالإضافة إلى توسيع قاعدة الاستهلاك ودفع الطلب المحلي، نجد أنها تعمل كذلك على رفع الروح المعنوية للعمال، مما يضفي آثارًا إيجابية على زيادة معدلات الناتج المحلي، وفي الوقت نفسه تعمل تلك الزيادات على رفع معدلات الادخار المحلي للقطاع العائلي، والتي تعد بمثابة شريان الحياة للاستثمار مستقبلًا، ولكن لا شك أن العمال في وضع لا يحسدون عليه حيث تضطرهم الشركات الكبرى إلى الوقوع بين مطرقة العمل غير المستقر ذي الأجر المتدنِّي وبين سندان البطالة!
وفي ظل امتلاكها أدوات قليلة للمناورة يظل هاجس الحكومات هو كيفية التوفيق بين ما يبدو غير قابل للتوفيق! فربما تجد الحكومات ضالتها في عملية إعادة توزيع الكعكة مرة أخرى حتى تُذيب جبال الجليد تلك بين طبقة المساهمين وأعضاء مجالس الإدارات وبين الطبقة العريضة من العمال والموظفين، خصوصًا في تلك القطاعات التي لا تخشى فيها من مناورة الشركات بالتهديد بورقة نقل التصنيع للبلدان الأخرى، كما يمكن للحكومات طرح العديد من المبادرات أو تشجيعها كمشاركة العاملين في نتائج الشركات، ومن ثم الاشتراك في نسبة من الأرباح الفصلية أو السنوية، وكذلك نظم الادخار المختلفة الخاصة بالشركات ووضعها في محفظة أوراق مالية تتولَّى الشركة إدارتها وتوزيع عوائدها لصالح العمال المدخرين، أما بالنسبة إلى العاطلين عن العمل جراء الظروف الاقتصادية السيئة، فتدفع الحكومات باتجاه إعادة تأهيلهم لسوق العمل، بالإضافة إلى صرف إعانات بطالة تعمل على رفع القوى الشرائية لتلك الفئات المهمَّشة.
الفكرة من كتاب الرأسمالية في طريقها لتدمير نفسها
لم تسلم الرأسمالية منذ نشأتها على مدى تاريخها من النكبات والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، ومما صعَّب الأمر بروز قضية العولمة التي ربطت اقتصادات العالم بعضها ببعض، فإذا سعلت دولة بالمشرق أصابت نظيرتها بالزكام في المغرب، وليس أدل على ذلك من الواقع المعاصر وجائحة كوفيد 19 التي ما لبثت أن ظهرت في الصين حتى أصابت العالم أجمع بالشلل.
من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، إذ يلقي الضوء على ظاهرة العولمة وما يرتبط بها من تحديات وأخطار مستترة قد تفضي على حسب رأي البعض إلى بدء العد التنازلي لانهيار الرأسمالية المعاصرة.
مؤلف كتاب الرأسمالية في طريقها لتدمير نفسها
باتريك آرتو: أستاذ بكلية الهندسة، وأستاذ مشارك في جامعة باريس – بانتيون السوربون، ومدير البحوث الاقتصادية لمجموعة صندوق التوفير/الودائع، من مؤلفاته: نظرية النمو والتذبذبات، والأوضاع الشاذة في الأسواق المالية، والاقتصاد الجديد.
ماري بول فيرار: رئيسة تحرير مجلة أنجي ليزكو، من أعمالها: قصة أرباب العمل الكبار.