القاهرة الثائرة.. النبابيت ضد البنادق
القاهرة الثائرة.. النبابيت ضد البنادق
لم تفلح سياسات المواءمة في تشتيت المصريين.. لقد ظلت الأمور واضحة دائمًا كما كانت طوال القرون السابقة، هؤلاء نصارى وقد أتوا عبر البحر فمن المؤكد أن خيرًا لم يأتِ معهم، ولذلك لم يتركهم المصريون يستكينون للراحة!
بعد شهور قليلة من قدومهم قامت ثورة القاهرة الأولى بسبب الضرائب الباهظة التي فرضها الفرنسيون، اشتعلت الثورة وامتدت إلى الجامع الأزهر حيث اتخذه الثوار مركزًا لهم، فما كان من الفرنسيين إلا أن قصفوه وبدؤوا بقمع الثوار بكل الطرق والبدء في تحصين القاهرة، بعد هزيمة الأسطول الفرنسي على أيدي الإنجليز في معركة أبي قير، وتنامي الشائعات عن جيش عثماني قادم عبر الشام.. كان على نابليون توسيع نفوذه والحفاظ على مصر في آن واحد، ومن هنا جاءت فكرة الحملة على الشام، وبعد أن جهز البلاد للحملة غادر إلى الشام ليواجه العثمانيين في يافا مرتكبًا مجزرة تُقدر بثلاثة آلاف جندي مُستسلم. كان تأثير هذه الواقعة محفزًا لأهالي عكا.. إذ رفضوا الاستسلام للحصار حتى فشلت هذه الحملة على أيديهم، واضطر نابليون إلى العودة إلى مصر لفداحة خسائره ولأن الأوضاع لم تكن تَسُر على الإطلاق.
حدث تحول طارئ على مجرى الأحداث في أوروبا، وأصبح نابليون مضطرًّا للعودة إلى بلاده، فأُوكل إلى الجنرال كليبر أمر البلاد، ولم يكن كليبر على نفس الدرجة من المرونة كسابقه، وكانت البلاد في حالة لا تحسد عليها، فبدأ يفكر في التفاوض مع الدولة العثمانية على الخروج من مصر، لاقتناعه بأن الأهداف التي جاؤوا من أجلها لن تحقق مهما أقاموا.
ولكن حدثت اختلافات بين أطراف المفاوضات مما أدى إلى نشوب القتال مرة أخرى، تمكنت مجموعات من قادة المماليك والعثمانيين من الدخول إلى القاهرة وشرعوا يُثيرون الأهالي، وقد أثمرت جهودهم عن ثورة القاهرة الثانية التي كانت أكثر عنفًا، ولكن بعد تخلي قادة المماليك والعثمانيين عن الثوار تمكن الفرنسيون من القضاء على الثورة، لم يهنأ كليبر بنصره طويلًا إذ قتل بعدها على يد الشاب الحلبي سليمان، وتسلم الجنرال مينو قيادة الحملة من بعده، ولم يستطع أن يتفهم أن أيام فرنسا في مصر قد ولت، فاستمر في العناد وقسم جيشه بين الثغور، وذهب إلى الإسكندرية لكي يواجه الأسطول المتحالف، لكنه لم يواجه إلا حصارًا لم يخرج منه إلا إلى بلاده بشروط أذلته عسكريًّا، ليكون آخر قائد لجيش الشرق على مصر.
الفكرة من كتاب الحداثة والامبريالية: الغزو الفرنسي وإشكالية نهضة مصر
كانت مصر دائمًا حلمًا أوروبيًّا وتمثلت في أذهان الأوروبيين كطبق ذهبي يحمل جميع أحلامهم وحلول مشكلاتهم، ومنذ عهد الإسكندر أدرك الجميع أنه لا إمبراطورية على ضفاف المتوسط تريد السيطرة على الشرق دون مصر في قلب أقاليمها.
يُقدم الكاتب مراجعات مُهمة لآراء أصبحت ترى التقدم والتجربة الغربية هي الوحيدة، ويطرح وجهات نظر حديثة تُثبت بُطلان هذه الرؤى، وتُقدم الوجه الآخر الذي كان يتم التغاضي عنه دائمًا في سبيل “الحداثة والتنوير” القادمين مع أشياء أُخرى غير مهمة، حتى وإن كان الغزو والاستعمار.
مؤلف كتاب الحداثة والامبريالية: الغزو الفرنسي وإشكالية نهضة مصر
أحمد زكريا الشلق: من مواليد طنطا عام 1948م، حصل على الدكتوراه في الآداب فرع التاريخ الحديث والمعاصر بمرتبة الشرف الأولى بجامعة عين شمس، وقد حصل على العديد من الجوائز منها:
جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية 2010م.
جائزة الدولة للتفوق العلمي في العلوم الاجتماعية 2006م.
له الكثير من المؤلفات والدراسات التاريخية مثل:
رؤية في تحديث الفكر المصري.
العرب والدولة العثمانية.
إمبراليون ومستشرقون.