القائد النبيل
القائد النبيل
يمكن تلخيص المراحل التي مر بها فتح مصر كما يلى: “أراد المقوقس أن يسلم حصن بابليون فأبى هرقل وأمر بنفي المقوقس واتهمه بالخيانة، وبقي الحصن حتى هاجمه المسلمون وأوشكوا أن يفتحوه عنوة، إلا أن الروم سارعوا للصلح ففُتح صلحًا، والإسكندرية فُتحت صلحًا في المرة الأولى حتى نقض الروم عهدهم وهاجموها، فحاصرها المسلمون وفتحوها عنوة”. لكن الخليفة عثمان بن عفان نزل عن حقه فى جعل الإسكندرية والمدن الثائرة الأخرى غنيمة، فأعاد الأسارى إلى أهليهم، وبقي عمرو فى مصر بعد استقرار الأمر شهرًا واحدًا ثم نزل عنها لعبد الله بن سعد.
ومن الجدير بالذكر أن القبط لم تكن لهم يد فى ثورة منويل ولم ينقضوا العهد كما فعل الروم، إذ فاوض زعيمهم بنيامين عمرو بن العاص ووعده أن يساعده القبط مقابل ألا يسيء إليهم، وهذا منشأ القصة التى تفيد بأن القبط رحبوا بالعرب ليتخلصوا من ظلم الروم، فوجب التنويه إلى أن هذا لم يحدث عندما دخل العرب مصر أول مرة، بل عندما دخل الروم مصر وسلطان العرب قائم فيها.
عندما دخل العرب الإسكندرية لم يفرقوا فى القتل بين القبط الموالين والروم الثائرين، فشكا الروم إلى عمرو بن العاص وقالوا “كنا موالين وكان لنا أن تقاتل عنا” وهذا ما كان يقتضيه العهد، فندم عمرو وقال “ليتني كنت لقيت الروم حين خرجوا من الإسكندرية”، ثم عوضهم عما فقدوه.
بعث الروم أسطولًا آخر بعد تلك الهزيمة بتسع سنين بعد أن برع العرب فى فن البحر وأعدوا أسطولًا حال بين الروم وبين ما يشتهون، فرجع الروم بخيبتهم قبل أن تصيب أسطولهم عاصفة شديدة حولته إلى حطام تلاعبت به الأمواج.
على كلٍّ، يمكن القول بأن حرب العرب مع الروم بدأت بغزوة مؤتة؛ انتقامًا للرسول الذي بعثه النبي ﷺ وقُتل على يد الروم، وانتهت سنة 1453م حيث سلمت القسطنطينية، ونُقش اسم النبي ﷺ على كنيسة أيا صوفيا.
الفكرة من كتاب فتح العرب لمصر
كثيرًا ما تتضارب الأقوال عندما يتعلق الأمر بفتح بمصر، فالبعض يذكر أنها اغتصبت قهرًا من المسيحيين، والبعض يذكر أنها خُلّصت من بطش الروم، والبعض يلمِّح إلى اتفاقيات تمت سرًّا للإيقاع بمصر فى يد عدوها، سواء كان العدو من العرب أم الفرس أم من الروم أنفسهم.
يحاول ألفريد بتلر فى هذا الكتاب أن يجمع كل دليل يحصل عليه من كتابات القبط القدماء أو العرب أو ممن عاشوا فى تلك الحقبة الهامة، منذ صعود هرقل إلى حكم الروم مرورًا بسيطرة الفرس على الشام ومصر بعد انقلاب موازين القوى، ثم استعادتهما من جانب الدولة الرومانية، حتى دخول العرب وحلقات الصراع الطويلة التى انتهت بإخضاع الإسكندرية سنة 654م.
محاولًا تفنيد القول المزعوم بأن القبط رحبوا بالعرب كمناقشة أولى فى كتابه، ويتطرق أيضًا إلى تبرئة العرب من اتهامات لحقت بهم مثل حرق مكتبة الإسكندرية، لكنه يرميهم باتهامات أُخرى.
مؤلف كتاب فتح العرب لمصر
ألفريد بتلر : مؤرخ بريطاني، درس بأكسفورد وحصل على زمالة كلية براسينوز عام 1877م والدكتوراه عام 1902م. اهتم بالتاريخ المصري وكتب فيه مؤلفات عدة، منها:
الكنائس القبطية القديمة في مصر.
الحياة الملكية في البلاط الملكي.
معلومات عن المترجم:
محمد فريد أبو حديد: كاتب مصري راحل، تخرج عام 1914م في مدرسة المعلمين العليا، وكان من مؤسسي مجلة الثقافة حتى أصبح رئيسًا لتحريرها، واشترك في إنشاء لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1914م، ثم في إنشاء الجمعية المصرية للدراسات الاجتماعية عام 1937م، وله مؤلفات عدة، منها:
صلاح الدين وعصره.
أمتنا العربية.
أبو الفوارس عنترة بن شداد.