الفيروسات خطرٌ خفي
الفيروسات خطرٌ خفي
“فيروس” كلمة مشتقة من أصل لاتيني، وتعني سمَّ الحيوان أو النبات، أول من اكتشفها هو مارتينوس بيجيرينك مُدرس علم الميكروبيولوجيا (الأحياء الدقيقة) عندما أجرى تجارِب تهدف إلى معرفة داء معين يصيب النباتات، واستنتج من التجارب أن هذا الداء ينتج عن ميكروب حي، لكن ماهيته لم تكن معروفة من قبل، حتى اكتشفها مارتينوس قائلًا إنها فئة من الميكروبات مسببة العدوى، وعرف أن الفيروس هو كائن دقيق يحتاج إلى خلايا كائن حي عائل لكي تحافظ على وجودها، يحتوي على مادة وراثية مُحاطة بغطاء بروتيني.
ويتراوح حجم الفيروس ما بين ٢٠٠ و٣٠٠ نانومتر، أي إنه لا يرى غير بالميكروسكوب الإلكتروني، والمادة الوراثية للفيروس إما أن تكون DNA، أو RNA، فتلك المادة الوراثية هي التي تحمل كل المعلومات والخصائص المميزة لكل فيروس وتُورث من جيل إلى آخر، وعكس كل الفيروسات التي لديها من ٢ إلى ٢٠٠ جين، هناك فيروس يُدعى بالفيروس المحاكي العملاق له ما يُقدَّر بـ٦٠٠ إلى ١٠٠٠ جين، كما أنه أكبر حجمًا من أمثاله الفيروسات، بل إنه أكبر من بعض البكتيريا.
وتبدأ الفيروسات رحلة العدوى بعد دخولها إلى الجسم في أماكن تخصصها سواء كانت فيروسات تصيب الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي أو التناسلي، ثم ترتبط بالمستقبلات الخلوية، إذ إن كل فيروس لديه المفتاح اللازم لفتح القفل الموجود على سطح الخلية، فيؤدي إلى تحلُّل الغشاء الخارجي للفيروس، ثم تتحرر مادته الوراثية وتندمج مع المادة الوراثية للخلية، وتبدأ في التكاثر ونسخ الصفات وتكوين مئات الفيروسات داخل الخلية الواحدة، وهناك خلايا تستطيع تحمُّل اكتظاظ الفيروسات بداخلها، لكن هناك خلايا أخرى تفشل وتنفجر وتُطلِق كل هذه الفيروسات إلى خارج الخلية لتذهب إلى خلايا أخرى وهكذا.
تتميز خلايا الإنسان بوجود نظام “تصحيح وتنقيح” بهدف اكتشاف الأماكن التالفة في الـDNA وإصلاحها إذا كان معدل الأخطاء محدودًا، أما إذا كان حجم التلف كبيرًا جدًّا فهناك نظام للتدمير الذاتي يسمى “الموت الخلوي المبرمج”، ويُحفز الخلية على الموت بدلًا من توريث هذا التلَف الوراثي للخلايا في الجيل الجديد.
وعلى الرغم من كل هذا التعقيد والنظام المُحكم يحدث أن بعض الأخطاء تمرُّ وتتسبَّب فيما يُعرف بـ”الطفرات”، وتحدث عند الإنسان بمعدل طفرة واحدة كل مليون نيوكليوتيدة (الوحدة البنائية في الـN) في الجيل الواحد، وهي ذات أهمية كبرى، فإما أنها تُكسب الخلايا قدرة على القتال في العائل، أو الحماية من هجمات المناعة، أو البقاء حية والانتشار السريع، أو مقاومة المضادات الفيروسية، وبالتالي فإن الفيروسات تعتمد على نحو كبير على الطفرات في استمرارية العدوى.
الفكرة من كتاب الفيروسات.. مقدمة قصيرة جدًّا
يشهد العالم اليوم حالات تفشٍّ حادة لفيروسات خطيرة على غرار فيروس نقص المناعة البشري وأنفلونزا الخنازير وسارس وحمى لاسا، والأشد فتكًا فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
تشرح دوروثي بدايةً ماهية طبيعة الفيروسات وأساليب حياتها والآثار التي تسبِّبها والأضرار التي تُحدثها في صحة الإنسان، كما توضح سبل مكافحة المناعة وآلية عملها بعامةٍ في أثناء أي هجوم وخصوصًا هجوم الفيروسات، كما تبين كيفية استدامة بعض الفيروسات داخل الجسم طول العمر، وعلاقتها بكثير من الأورام السرطانية ومدى ارتباطها بها.
مؤلف كتاب الفيروسات.. مقدمة قصيرة جدًّا
دوروثي إتش كروفورد Dorothy H. Crawford: أستاذة الميكروبيولوجيا الطبية في جامعة أدنبرة بالمملكة المتحدة، ومدير مساعد لمؤسسة (الفهم العام للطب)، ومن مؤلفاتها:
العدو الخفي.
تاريخ طبيعي للفيروسات.
الرفيق المُهلك: كيف شكلت الميكروبات تاريخنا.