الفوز
الفوز
كيف تدفع طرفي الرياضة للتنافس؟
ترتبط الرياضة ارتباطًا وثيقًا بالعنف منذ الصيد وهو أقدم صورها، ثم تطوَّرت لتصبح عنفًا مسلِّيًا غير قاتل بين البشر، ثم تطوَّرت أكثر لترتبط بالتنافسية المطلقة المستنزفة لجميع الطاقات الممكنة لتحقيق الفوز والتفوق، وأصبحت الرياضات كيانات منفصلة لها أهدافها الاستبدادية ومصالحها وسياساتها الخاصة، ويتم خلق تلك المنافسة من خلال ضمان وجود إمكانية الفوز لكلا الطرفين.
يطلق على الطرف الآخر اسم المنافس أو الخصم، وتجرِّده الرياضة الحديثة من أي معنى آخر، فهو ليس عدوًّا أو صديقًا، فيتم بذلك حصر الخصومة ومجال النزال في الرياضة فقط، فكل طرف مثل الآخر له دوافع ويستخدم نفس الأدوات والمعدات الرياضية ويخضع لنفس القواعد الحاكمة وسيحاول الفوز في اللقاء، ويتعرَّض كلاهما لظروف بيئية واحدة.
وقد تميل مجريات اللقاء إلى طرف على حساب آخر حتى نشعر أنها مسألة وقت ليحسم الفوز، ولكن في اللحظة المفصلية يعجز الأقرب إلى الفوز عن حسمه، ما يعكس مجريات اللقاء ويعطي خصمه أفضلية عجيبة، وتمثِّل توقعات الجماهير ثقلًا كبيرًا وتزيد الطرف المفضَّل قلقًا وضغطًا.
يرى الكثيرون أن التنافس ما هو إلا شكل منظَّم من أشكال العنف والعدوان، والرياضة هي محاولة السيطرة عليه أو تفريغه في بيئة متخيَّلة آمنة، ويظهر ذلك العنف في التصادمات ومحاولات إلحاق الضرر المباشر بالخصم كالملاكمة، وكذلك عملية التحقير والتقليل المستمر من المنافس، ويشارك الجمهور في تفريغ عدوانيته بالتشجيع، وقد يمتدُّ العنف خارج إطار الملعب وبعد المباراة إذا لم تتم السيطرة عليه داخل الملعب وإنهاء ظواهره.
تتخلَّل النزعة القومية للشعوب صور من العنف والعدوان خصوصًا مع تشابك الرياضة مع عالم السياسة واستغلالها في تحقيق نجاحات معنوية للسلطات، أو لزيادة نسبة الرضا بين الأفراد.
الفكرة من كتاب فلسفة الرياضة
لو اخترنا النشاط الأبرز والأكثر تأثيرًا في آخر قرنين لكانت الرياضة وبلا أدنى تردُّد، فهي متربِّعة على عرش الممارسات الإنسانية، وتتجاوز الرياضات الحديثة حدود اللهو واللعب العاديين إلى اتخاذها أشكالًا أكثر تنظيمًا وتركيبًا بحيث تخدم أهدافًا اقتصادية وجماهيرية أعرض، ولا تزال التطوُّرات والتعديلات تلقي بظلالها على نوعيها الفردي والجماعي بهدف جعلها أكثر إشباعًا لحاجات الجمهور، فما السبب في تلك الحفاوة الكبيرة، أي ما جوهر الرياضة؟ وما الذي تشترك فيه أنواعها المختلفة؟ وهل لاختلاف أدواتها وقواعدها أسباب فلسفية ما؟
مؤلف كتاب فلسفة الرياضة
ستفين كونور: أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة كامبريدج، أدار سابقًا مركز كونسورتيوم للأبحاث في الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية، وشغل منصب أستاذ الأدب الحديث بكلية بيركبك بجامعة لندن، ويهتم بدراسة التاريخ من جانبه الثقافي المرتبط باللغة والفلسفة، من أهم مؤلفاته: “مادة الهواء: علم وفن ما هو أثيري”، و”الحشرة”، و”كتاب الجلد”.
معلومات عن المترجم:
طارق راشد عليان: باحث ومعد برامج في شبكة قنوات أبوظبي، عمل محررًا ومترجمًا في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، حصل على جائزة الترجمة للشباب في دورتها الثالثة لعام 2015م ، ينشر أعماله في العديد من المجلات مثل: “العربية” و“الثقافة العالمية”.
من أهم أعماله: “التعليم العالي في عصر الإنترنت”، و“عندما يسقط العمالقة”.