الفلك
بدأ الدين الإسلامي بالانتشار في جميع بقاع الأرض، لكن لم تبدأ حركة الترجمة والاهتمام بعلوم الحضارات الأخرى إلا في عهد الدولة العباسية، حينما أصدر الخليفة المنصور أوامره بترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية، كان من أبرز علماء الفلك ممن ظهروا في هذا الوقت “حبش الحاسب”، وهو الذي قام بتنقيح كتاب الماجسطي لبطليموس، والعالم اليهودي “ما شاء الله”، الذي قام برسم خرائط سماوية تستخدم لكشف الطالع، ظهر التطوُّر الأكبر في حركة الترجمة في عهد الخليفة المأمون، وكان من أبرز علماء عصره الخوارزمي الذي ألف كتابه في الفلك “زيج السندهند”، وكان في بغداد في هذا الحين مرصدان فلكيان استخدمهما الخوارزمي لرصد ظاهرتي الكسوف والخسوف، كذلك بزغ نجم علماء آخرين في بغداد من أمثال ثابت بن قرة الذي قام بعدة أبحاث تتعلَّق بحركة الكواكب وتحديد طول السنة المدارية، ومحمد بن جابر البتاني الذي ألَّف كتابًا في آثار الشمس والقمر، وأبي جعفر الخازن الذي ألَّف شروحًا على فروض بطليموس، وعبد الرحمن الصوفي الذي ألَّف كتابًا احتوى مراجعة ناقدة لكتالوج النجوم لبطليموس.
لم تخلُ بلاد الإسلام الأخرى من فلكيين، ففي بلاد خوارزم ولد البيروني الذي ألف كتابًا تضمَّن تعريفات مختلفة لليوم الشمسي وكيفية تحديد السنة المدارية، والأرقام التي توصَّل إليها لم تختلف عمَّا توصَّل إليه العلم الحديث سوى في القليل، وفي بلاد الأندلس ولد الفلكي معاذ الجياني الذي اشتهر بتأليفه لجداول جاين، والبطروجي صاحب كتاب الهيئة، وفي مصر ولد عبد الرحمن بن يونس صاحب الجداول الحاكمية، التي استعملت لتحديد مواقيت الصلاة وموعد ظهور هلال الأشهر الهجرية.
وضع ابن الشاطر آخر العلماء الفلكيين في حضارة الإسلام نموذجه الكوكبي الفريد في كتابه “الزيج الجديد”، الذي استخدم فيه النماذج الفلكية السابقة، إضافةً إلى أرصاده التي قام بها، ونموذج ابن الشاطر بناء على دراسات قام بها مؤرِّخو علم الفلك هو النموذج نفسه الذي استعمله كوبرنيكوس في ما بعد.
الفكرة من كتاب نُورٌ مِنَ الشرق كيف ساعدت علوم الحضارة الإسلامية على تشكيل العالم الغربي
إن الفكر العلمي تراث مشترك تتقاسمه الإنسانية، إذ يعتمد تطوُّر العلوم بشكل رئيس على دراسة أعمال السابقين ثم العمل على تطويرها وتصحيح الأخطاء التي وردت فيها، هكذا كان للأمم السابقة أثرٌ بالغٌ في ما وصل إليه العالم الغربي الحديث من ثورة علمية، فالثورة العلمية ليست طفرة في تاريخ البشرية بعد عصورٍ من الظلام وإنما نِتاج وثمرة لما قامت به الأمم السابقة، إضافةً إلى جهود علماء الغرب من بعدهم، يحتوي هذا الكتاب عرضًا موجزًا للمعارف التي توصَّلت إليها الحضارات السابقة في مختلف العلوم، مع التركيز بشكل رئيس على حضارة المسلمين باعتبار أن معظم العلوم وصلت إلى أوروبا عن طريق الحضارةِ الإسلامية.
مؤلف كتاب نُورٌ مِنَ الشرق كيف ساعدت علوم الحضارة الإسلامية على تشكيل العالم الغربي
جون فريلي: ولد عام 1926م في نيويورك، حصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة نيويورك، ثم قضى سنة ما بعد الدكتوراه في دراسة تاريخ العلوم بجامعة أكسفورد، استمر عمله باحثًا فيزيائيًّا لمدة تسعة أعوام، ثم عمل بعد ذلك في تدريس مقرَّرات الفيزياء بعدة جامعات، كما عمل أيضًا بتدريس مادة تاريخ العلوم.
معلومات عن المترجم:
الدكتور أحمد فؤاد باشا: ولد في محافظة الشرقية بمصر، حصل على درجة البكالوريوس والماجستير من كلية العلوم جامعة القاهرة، كما حصل على دكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة موسكو، وعمل في التدريس ثم عُيِّن وكيلًا لكلية العلوم ثم عميدًا لها، وتعدَّدت أعماله بين التأليف والترجمة.