الفلسفة والعلم
الفلسفة والعلم
كانت الفلسفة وعلم اللاهوت كفرسي رهان في ميدان التعرف على حقيقة الأشياء وسبر أغوار هذا العالم المحيط ولم يكن ثمة منافس لهما، إلا أن التطور العلمي الحادث والسبق الذي وصل إليه في كشف أسرار الكون أسهم في هذا فكان هذا التزاوج بين الفلسفة واللاهوت وزعم كلٍّ منهما تدعيم آرائه عبر الاستفادة من الاكتشافات العلمية الحديثة، بيد أن هذا الزعم فيه نظر، ذلك أن الفلسفة والعلم قلَّما يمتزجان، فالأولى تسري على قانون الخيال والتأمل، في حين نجد الثاني لا يعترف بغير بوتقة التجربة والاختبار في الوصول إلى البناء المعرفي، ومن هنا تراجعت الفلسفة وتركت بعض ميدانها للعلم واقتصرت بشكل أساسي على ميدان ما وراء المادة حيث ليس للعلم إلى هناك سبيل.
ورغم أن العلم قد جرَّد الفلسفة كثيرًا من مكانتها نتيجة لسبقه إياها في تقديم تفسيرات مدعمة بالأدلة للكثير من الظواهر التي عجزت عنها الفلسفة أو كانت تخبط فيها خبط عشواء، فإن العلم يبقى مدينًا في سبقه هذا للروح الفلسفية الباطنية التي تدفعه إلى التنقيب والبحث عن ماهية الأشياء واستنباط المبادئ العامة المجردة من المفردات العشوائية، مما مكَّنه من فك طلاسم مسائل هائلة رغم عجزه في الحقيقة عن حلِّ كثيرٍ من المسائل البسيطة.
ووفقًا لتلك الطبيعة المحيرة للمنهج العلمي ينبغي ألا نطالبه فوق ما يستطيع، فالعلم يرضى بالعالم كما هو ولا يعنيه كثيرًا مهمة البحث عما يجب عليه أن يكون، وآلته في ذلك هي الملاحظة والترصُّد والتجربة، ومحاولة تشييد البناء العلمي الذي ينتظم في فلكه النظائر من الأشياء عبر استقراء المبادئ العامة من اطراد أحوالها الخاصة أو استنباط القوانين الجزئية من النظريات الكلية، وعلى ذلك يُفهم أن مجرد الجمع للوقائع ليس علمًا، كما أن كومة الحجارة ليست بيتًا.
الفكرة من كتاب حياة الحقائق
يعتري البشر العديد من الاحتياجات المادية والنفسية، ويبدو أن الاحتياج النفسي إلى فكرة وجود الإله أضحى من الإلحاح ما دفع الإنسان إلى محاولته الارتكان إلى أوهام دينية ليقبع مختارًا في حظيرة العبودية..
يتحدث غوستاف لوبون عن المقدسات الثلاثة للشعوب والمتمثلة في الروح الدينية والأخلاق والفلسفة المعرفية، ويتناول كلًّا منها بالشرح والمثال، باحثًا عن مصادرها ونتائجها التي وجَّهت البشر عبر التاريخ، فلو نظرت إلى تعاقب نتائج تلك الحقائق الثلاث لم تجد الحاضر إلا وليد الماضي.
مؤلف كتاب حياة الحقائق
غوستاف لوبون Gustave Le Bon: طبيب ومؤرخ فرنسي، وواحدٌ من أشهر المؤرخين الأجانب الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية، ولد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام ١٨٤١م، ودرس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، وأنتج مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع، ما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، تُوفِّي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931م.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
حضارة العرب.
الآراء والمعتقدات
سيكولوجية الجماهير.
السنن النفسية لتطور الأمم.