الفلسفة
بدأت الاتجاهات العلمية تتجه نحو الفلسفة على يد إسحاق الكندي الذي عرف في الغرب بفيلسوف العرب، تركَّزت جهود الكندي في الفلسفة حول التوفيق بين الفلسفة الأرسطية والفلسفة الأفلاطونية، وكان أول من صنف العلوم في الحضارة الإسلامية مقتفيًا خطا أرسطو في حضارة الإغريق، كان من المعاصرين للكندي عالمٌ آخر، وهو الجاحظ صاحب كتاب “الحيوان” الذي احتوى تفاصيل 350 نوعًا من الحيوانات، والذي أشار فيه إلى ظاهرة الانتخاب الطبيعي أو البقاء للأقوى التي تحكم عالم الحيوان، وجاء بعد ذلك الفارابي المعروف بمدينته الفاضلة التي اقتفى فيها أثر أفلاطون، وتأثَّر الفارابي بأرسطو وأفلاطون وسعى لإعطاء الفلسفة والعقل حق التقدم على الشريعة، وكان الفارابي موسوعيًّا في معرفته بالعلوم فقام بشرح على عناصر إقليدس وكتاب “الماجسطي” لبطليموس وألَّف كتابًا في الكيمياء، وجاء بعد ذلك ابن سينا الذي كان أحد الجسور المهمة التي انتقلت من خلالها الفلسفة الأرسطية إلى الغرب، وكان من أهم مؤلفات ابن سينا الفلسفية كتاب “الشفاء” الذي يعدُّ ملخَّصًا وافيًا للفلسفة الأرسطية.
كان الاهتمام بعلم الفلسفة يقتصر على عدد قليل من الناس لطبيعة العلم منذ نشأته، ولاهتمام الحضارة الإسلامية بشكل أكبر بعلوم الدين، حتى جاء القرن الخامس الهجري الذي جاء فيه أبو حامد الغزالي ليحيي الاهتمام بعلم الفلسفة في دولة الإسلام حينما عكف على دراسة علم الفلسفة عامين كاملين، ما أسفر عن كتابه “تهافت الفلاسفة” الذي تعرَّض فيه بالنقد لآراء الفارابي وابن سينا، وجاء بعد ذلك موسى بن ميمون اليهودي الديانة الذي اهتم في كتابته الفلسفية بمحاولة الجمع بين المعاني المجازية الواردة في النصوص المقدسة بالتوراة وبين ما يمليه العقل حينما قام بتأليف كتابه دليل الحائرين، وممن تأثَّر بهذا الفكر في أوروبا بعد ذلك القس توماس الأكويني.
أمَّا أبرز فلاسفة الأندلس فكان ابن رشد، أو الشارح كما يسمى في الغرب، وتضمَّنت مؤلفاته شروحًا على كتب أرسطو كانت هي المصدر الرئيس والأول للفلسفة الغربية الحديثة التي قامت على الفلسفة الأرسطية، وقد حاول ابن رشد في هذه الشروح تفسير آراء أرسطو والدفاع عنها، كذلك تعرَّض بالنقد للفارابي وابن سينا لأنهم أساؤوا فهم العديد من آراء أرسطو.
الفكرة من كتاب نُورٌ مِنَ الشرق كيف ساعدت علوم الحضارة الإسلامية على تشكيل العالم الغربي
إن الفكر العلمي تراث مشترك تتقاسمه الإنسانية، إذ يعتمد تطوُّر العلوم بشكل رئيس على دراسة أعمال السابقين ثم العمل على تطويرها وتصحيح الأخطاء التي وردت فيها، هكذا كان للأمم السابقة أثرٌ بالغٌ في ما وصل إليه العالم الغربي الحديث من ثورة علمية، فالثورة العلمية ليست طفرة في تاريخ البشرية بعد عصورٍ من الظلام وإنما نِتاج وثمرة لما قامت به الأمم السابقة، إضافةً إلى جهود علماء الغرب من بعدهم، يحتوي هذا الكتاب عرضًا موجزًا للمعارف التي توصَّلت إليها الحضارات السابقة في مختلف العلوم، مع التركيز بشكل رئيس على حضارة المسلمين باعتبار أن معظم العلوم وصلت إلى أوروبا عن طريق الحضارةِ الإسلامية.
مؤلف كتاب نُورٌ مِنَ الشرق كيف ساعدت علوم الحضارة الإسلامية على تشكيل العالم الغربي
جون فريلي: ولد عام 1926م في نيويورك، حصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة نيويورك، ثم قضى سنة ما بعد الدكتوراه في دراسة تاريخ العلوم بجامعة أكسفورد، استمر عمله باحثًا فيزيائيًّا لمدة تسعة أعوام، ثم عمل بعد ذلك في تدريس مقرَّرات الفيزياء بعدة جامعات، كما عمل أيضًا بتدريس مادة تاريخ العلوم.
معلومات عن المترجم:
الدكتور أحمد فؤاد باشا: ولد في محافظة الشرقية بمصر، حصل على درجة البكالوريوس والماجستير من كلية العلوم جامعة القاهرة، كما حصل على دكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة موسكو، وعمل في التدريس ثم عُيِّن وكيلًا لكلية العلوم ثم عميدًا لها، وتعدَّدت أعماله بين التأليف والترجمة