الفقر والليبرالية الجديدة في دول إفريقيا جنوب الصحراء
الفقر والليبرالية الجديدة في دول إفريقيا جنوب الصحراء
في عام 2004 تم إنشاء “لجنة إفريقيا” من أجل الاهتمام بأفقر قارات العالم، ومحاولة تقليل معاناة الفقراء، وتحقيق النمو الاقتصادي لدول إفريقيا جنوب الصحراء، وجعل الفقر شيئًا من الماضي، إلا أن هذه اللجنة كانت غطاءً للاستعباد المتواصل من جانب الغرب وفرض سلطته على إفريقيا، إذ نجد أن اللجنة كانت قلقة للغاية من تغيير سياسة الاتحاد الأوروبي الزراعية، وتعزيز التجارة مع إفريقيا، فأدى هذا القلق إلى تدخلات تسببت في إفقار القارة أكثر فأكثر، نتيجة التنمية اللا متكافئة، واستغلال رأس المال الغربي لمواردها، والتركيز على المصالح الغربية، وكالعادة افترضت لجنة إفريقيا أن سبب الفقر راجع إلى ضعف قدرات إفريقيا وسوء التعليم والفساد، وكذلك عدم اندماج إفريقيا في الاقتصاد العالمي، ومن ثمَّ قررت اللجنة أن إفريقيا في حاجة إلى مزيد من التجارة، ولن يتم ذلك إلا بالإدماج في الاقتصاد العالمي لتستفيد من فوائد العولمة، ولم تكن تلك التفسيرات والمبررات هي سبب الفقر الرئيس في إفريقيا، وإنما كانت مجرَّد قائمة تسوّق متضمنة حفنة مسكنات من المساعدات الإنسانية!
كما أن من الأشياء التي تثقل كاهل القارة الإفريقية، وتقضي على أي تنمية فيها، الديون الخارجية، إذ إن الدين الخارجي للقارة يتجاوز 200 مليار دولار، وهو ما يعادل 10% من إجمالي ديون الدول النامية! ومن ثمَّ فإن عددًا كبيرًا من الدول الإفريقية يستخدم أكثر من نصف إيراداتها السنوية لخدمة الدين فقط! ونتيجةً لذلك فإن فقر إفريقيا في ازدياد، وخلق هذا الفقر العديد من المشكلات الصحية والاجتماعية، ومن أخطرها فيروس الإيدز، الذي لا يُعد مجرد فيروس قاتل فحسب، بل له أثر هيكلي لأنه يعمل على خفض متوسط الأعمار، ويؤثر في الشباب في أوج سن العمل والإنتاجية، ومن ثمَّ يقضي على قدرة القارة على تجاوز الفقر، فيضعف من قدرة القارة على إطعام نفسها، ما أدى إلى انتشار واحدة من أخطر مشكلات القارة وهي المجاعات وسوء التغذية، فالقارة تعاني أزمة غذائية حقيقية، بسبب قوانين التجارة الدولية المؤذية، وتسديد الديون الذي أتى على حساب الإنفاق الاجتماعي!
وبناءً على ذلك يكمن الخطأ في اعتبار مشكلة إفريقيا تتمثل في أنها تعيش على هامش الاقتصاد العالمي، لأن جميع الاستراتيجيات الحقيقية التي تهدف إلى نمو القارة وإزالة المعوقات أمام التجارة، ونشر الخبرات والمعرفة والنمو الاقتصادي تهدد السياسات الربحية للمصالح والشركات الغربية التي تستفيد من بؤس إفريقيا، ومن ثمَّ فإن أزمة إفريقيا ليست راجعة إلى طريقة الحكم فيها، أو جغرافيتها الصعبة، بل ترجع إلى السياق التاريخي للاندماج المؤذي للقارة في الاقتصاد العالمي.
الفكرة من كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
يستعرض الكتاب أسباب الفقر والجوع في جنوب العالم رغم وجود غذاء كافٍ لمنعهما، ويُبين أن الجوع والمجاعات وانعدام الأمن الغذائي والفقر جزء أساسي من الرأسمالية الحديثة والليبرالية الجديدة، ومن ثمَّ من المستحيل القضاء عليهم تحت مظلة الرأسمالية، كما يوضح أن جهود تخفيف عبء الديون التي تثقل الدول الفقيرة والنامية ومبادرات التنمية، لن تغيِّر من هيكل الاقتصاد العالمي، ولن تقلل الفقر بسبب الخصخصة وتحرير التجارة وإصلاح الأسواق، ويكشف ذلك من خلال استعراض أحوال دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودول إفريقيا جنوب الصحراء.
مؤلف كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
راي بوش: هو أستاذ الدراسات الإفريقية في كلية السياسة والدراسات الدولية في جامعة ليدز، وعضو في المجلس الاستشاري لمركز الدراسات الإفريقية بجامعة ليدز، ونائب رئيس مراجعة الاقتصاد السياسي الإفريقي، حصل على درجة الدكتوراه في العامل الاستعماري والتحول الاجتماعي من جامعة ليدز، له عدّة مقالات، ومن كتبه:
Marginality and Exclusion in Egypt.
Counter-revolution in Egypt’s countryside: land and farmers in the era of economic reform.
Economic Crisis and the Politics of Reform in Egypt.
معلومات عن المترجمين:
إلهام عيداروس: هي كاتبة ومترجمة مصرية، حاصلة على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وماجستير القانون الدولي لحقوق الإنسان من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، من ترجماتها:
النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود.
لغة مقدسة وبشر عاديون.
وليد سليم: هو مترجم مصري، حاصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ، له عدد من الأعمال المترجمة، منها:
مراسلات جورج أورويل.
وول ستريت: الإرهاب الحقيقي.
كيف صنع المسلمون أوروبا.