الفقر والأزمة البيئية
الفقر والأزمة البيئية
يظل الفقر في تزايد، ولم يعد النمو العام للثروة المالية يعكس تقدمًا في في الظروف المعيشية لمعظم السكان، وهذا الفقر يؤدي إلى عدم استقرار كبير، فمثلًا، الأزمة البيئية التي لا يشعر بها الأغنياء لبُعدهم عن المناطق الملوّثة يكون تأثيرها شديدًا في الفقراء، فالفقراء يعيشون في المناطق الأكثر تلوثًا بالقرب من المناطق الصناعية وفي الأحياء التي لا تحظى بخدمات كافية من المياه وجمع القمامة. وفي الصين هناك عشرات من القرى الفقيرة التي تحيط بها المصانع الكيماوية التي تبث الملوثات في الهواء والماء، وهو ما يؤدي إلى إصابة ساكني هذه القرى بأمراض خطيرة كالسرطان وغيره. والكوارث الطبيعية أيضًا كالفيضانات والأعاصير تؤثر في الفقراء بشكل أكبر لأنهم لا يملكون أي وسيلة لحماية أنفسهم. الفقراء هم الذين يعانون من فقدان الخدمات البيئية التي يستفيد منها آخرون، فنزع الغابات في إندونيسيا يحفزه جزئيًّا الطلب على الأخشاب والورق لأقاليم بعيدة، لكن السكان المحليين هم الذين يعانون جرّاء اختفاء هذه الموارد.
وهناك صلة بين الفقر والأزمة البيئية تمر عبر الزراعة، فالفقر يخص الفلاحين بصورة غالبة على المستوى العالمي، فثلثا الذين يعيشون بأقل من دولار في اليوم يعيشون في مناطق ريفية، ولأن السلطات الاقتصادية ترى أن الحل يكمن في هجرة الفلاحين الفقراء إلى المدن لإيجاد فرص أفضل، يتم إهمال السياسات الزراعية مما يؤدي إلى الاستغلال السيئ للأرض الزراعية وتآكلها، كما أن الفلاح الذي يهاجر إلى المدن لا يجد الرخاء الذي وُعد به.
الفكرة من كتاب كيف يدمر الأثرياء الكوكب
في كتابه “كيف يدمر الأثرياء الكوكب؟” يحاول هيرفي كيمف مناقشة الأزمة الاجتماعية الناتجة عن التفاوت الرهيب بين الأثرياء والفقراء، ومناقشة الأزمة البيئية التي نتجت عن تسميم المجال الحيوي، ويشير إلى ضرورة التصدي لهذه الأزمات، لكن الطغمة -وهم فاحشو الثراء- لا يريدون تغيير الوضع الراهن لأنهم مستفيدون من هذه الأزمات، ومن ثم يحاولون إقناع الآخرين أن كل البدائل مستحيلة وأن الطريق الوحيد متمثل في النمو الدائم للثروة.
مؤلف كتاب كيف يدمر الأثرياء الكوكب
هيرفي كيمف: هو صحفي فرنسي مهتم بقضايا البيئة والصراعات الدولية، أسس صحيفة “Repoterre”، كما يعمل مسئولًا عن قسم البيئة في صحيفة “Le monde” الفرنسية.
من مؤلفاته: كتاب “الخروج من الرأسمالية”، وكتاب “كفى للطغمة ولتحيا الديمقراطية”.
معلومات عن المترجم:
أنور مغيث: أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب بجامعة حلوان، له العديد من الدراسات المنشورة في مجالي الفكر العربي المعاصر والفلسفة، ومن الكتب التي ترجمها من الفرنسية إلى العربية: كتاب “نقد الحداثة” لآلان تورين، وكتاب “في علم الكتابة” لجاك دريدا.