الفرق بين العلاج الوجودي وغيره من طرائق العلاج النفسي
الفرق بين العلاج الوجودي وغيره من طرائق العلاج النفسي
إن علاج مشكلات القلق يأخذ أشكالًا عدة طبقًا لنوع العلاج المتبع، فمثلًا: يهدف العلاج السلوكي المعرفي إلى تعديل أنماط التفكير المضطربة المرتبطة بالقلق، وفيه يتحدى الفرد المعتقدات غير العقلانية، ويطور استراتيجيات المواجهة، ويمارس التعرض التدريجي للمواقف المثيرة للقلق، وذلك باتباع بعض تقنيات العلاج، كتقنيات الاسترخاء والتأمل الذهني، والتعرض للمواقف المسببة للقلق، كما يُستخدم لعلاج القلق علاج القبول والالتزام، وغيره من طرائق العلاج النفسي، ويختلف نوع العلاج باختلاف احتياجات الأفراد، ونوع القلق الذي يتعرضون له، وبذلك يصمم المعالِج الخطة الأنسب لكل فرد، وهذا هو العلاج المتبع عادة للتعافي من القلق، لكن كيف يتعامل العلاج الوجودي معه؟
إن العلاج التقليدي يسعى إلى معالجة حالة ذهنية أو سلوك معين، فنجد أنه يقف على أعراض المشكلات ولا يخوض في أصولها وأسبابها، أما العلاج الوجودي فيهتم بالوقوف على أصل الأشياء ومسبباتها الأولى، فبدلًا من التعامل السطحي مع المشكلة، نتعمق فيها لنبصر الأمور بمنظور أوسع، لندرك الأسباب والمنطلقات التي كانت غائبة عن وعينا رغم تحكمها في أفعالنا، وهو ما يطلق عليه تحويل اللا وعي إلى وعي، وبذلك تتسع مداركنا وقدراتنا الفكرية.
وفي العلاج الوجودي لا نقف عند البعد البيولوجي أو النفسي للمريض، وإنما نتناول أبعاده المختلفة الاجتماعية والسياسية والوجودية والروحية على حد سواء، فالعلاج الوجودي يعمل مع الوجود البشري بأكمله، فهو لا ينظر إلى أي عاطفةٍ أو مكون وجودي داخلي على أنه اضطراب، وإنما يعده نهجًا في انتظار أن يُفهَم، لذا فهو لا يسعى إلى التخلص من هذه المشاعر بقدر ما يرى فيها فرصة لتحقيق نتائج مرغوبة، ويتبع في ذلك الأسلوب الظاهري، الذي يسعى إلى استبصار الأشياء كما تبدو للعيان، وهذا الأسلوب أسلوب بحثي شخصي يركز على أهمية التجربة الذاتية للمرء دون تدخل من قِبَل المعالج، وبذلك نُبصر ما هو ضمني من خلال ما هو صريح، وهذا لا يجعل أسلوب العلاج الوجودي يتفوق على غيره من طرائق العلاج النفسية، فقد يكون مناسبًا للبعض ولا يناسب البعض الآخر، فلا يمكن استخدامه مثلًا مع الأطفال.
الفكرة من كتاب القلق والغضب من منظور وجودي
في أيامنا المتتالية ينتابنا مزيج من المشاعر، فتارة نشعر ببهجة عارمة، وتارة أخرى نشعر بالضيق والخوف، تارة نشعر بالرضا، وتارة نشعر بالغضب، لا تتوقف حال المرء عند شعور واحد، ولكننا نجد أنفسنا نَصِف بعض المشاعر بصورة حسنة مقبولة، وأخرى نخافها ونمتعضها، ونتمنى لو كان من الممكن أن تختفي، ونتساءل عن سبب وجودها، فلماذا ينتابني الضيق والقلق والغضب؟
تلك المشاعر التي قد لا نفهمها ولا نستطيع التعامل معها، وأحيانًا قد تتملكنا عند حدوث أبسط المواقف، وقد يشعر أحدنا بوجود طاقة رهيبة من الغضب تنطلق بداخله على الرغم من إدراكه أن الموقف الذي هو فيه موقف بسيط للغاية، فما أسباب هذا الغضب وأشكاله؟ وكيف يمكننا التعامل معه ومع بقية مشاعرنا؟ كيف لنا أن نفهمها، ونجعل منها دافعًا لنا للانطلاق في غمار الحياة؟ لنناقش تلك الأسئلة من منظور وجودي.
مؤلف كتاب القلق والغضب من منظور وجودي
إيمي فان ديورستن: فيلسوفة، ومعالجة نفسية وجودية، وأستاذة زائرة في العلاج النفسي بـ«جامعة ميدلسكس | Middlesex University»، حصلت على الماجستير في علم النفس الإكلينيكي من «جامعة بوردو | University of Bordeaux»، والدكتوراه في الفلسفة من «جامعة سيتي | City, University of London»، كانت أول رئيسة في المجلس البريطاني للعلاج النفسي، وكان تطبيقها لأفكارها الفلسفية على علم النفس والعلاج النفسي باعثًا على ترسيخ المدرسة الوجودية في بريطانيا، أسست مدرسة العلاج النفسي والإرشادي في «Regent’s College»، وجمعية التحليل الوجودي، والمدرسة الجديدة للعلاج النفسي والاستشارات.
لها إسهامات عديدة من تأليفٍ وتحريرٍ للعديد من الكتب، ومن أهمها:
Existential Counselling & Psychotherapy in Practice
Everyday Mysteries: A Handbook of Existential Psychotherapy
معلومات عن المترجم:
مازن المريح: مترجم مصري وباحث في علم النفس، وله اهتمام خاص بعلم النفس الوجودي.