الفرح المحمود
الفرح المحمود
يُعرَّف الفرح المحمود بأنه كل فرح فيما يُرضي الله وفيه نفع للناس، وله صور عديدة منها: الفرح بالإيمان والتقوى، وهو من أعظم صور الفرح المحمود؛ حيث يفرح المؤمن بطاعته لله (عز وجل) وبتحقيقه مُراد الله في الأرض، وحينها يُبشِّره الله بالخير في الدنيا والآخرة كما قال (عز وجل) في كتابه ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، والبُشرى هنا تنوَّعت فيها الأقاويل بين رؤيا صالحة يراها المسلم أو يُبشر بالجنة عند الموت أو ثناء الناس على أعماله الصالحة في الدنيا، أو كما قال ابن المقفَّع (رحمه الله) “السعيد يرغِّبه الله في الآخرة، والشقي يرغِّبه الله في الدنيا”، ومن أمثلة الفرح بالإيمان: فرح المسلم بصومه، والفرح بالفطر بعد الصوم، والفرح بالصلاة كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): “حُبِّب إليَّ من الدنيا: النساء والطيب، وجُعِلت قُرة عيني في الصلاة”، وجُعِلت قرة عيني في الصلاة يعني بها تعظيم محبته للصلاة، والفرح بالعمل الصالح وثواب الله (عز وجل) على أعماله الصالحة، بل إن الفرح بالإيمان والتقوى هنا سواء كان قلبيًّا أو عمليًّا إلا إنه فرح محمود مباح ويؤجر المسلم على فرحهِ به أيضًا.
ومن الفرح المحمود أيضًا الفرح بالقرآن الكريم، وذلك تبعًا لقول الله (سبحانه وتعالى): ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾، وذلك لأنه يزيد إيمان وتثبيت المؤمنين بزيادة تلاوته وسماعه، كما أن القرآن أنيس القلب وينيره لِمَا في الدنيا من وحشة، وذلك لقول الله (عز وجل): ﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، كما فيه بشرى للمؤمنين جزاء أعمالهم في الدنيا والآخرة مثل الصبر حين قال الله (عز وجل): ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، والجهاد والصدق، والإخبات، والإحسان، والإنفاق في سبيل الله، والصلاة، كما يسكب القرآن في قلب المؤمن المعرفة والإيناس.
الفكرة من كتاب الفرح في القرآن الكريم (دوافعه النفسية وآثاره السلوكية)
من أهم العلوم التي شغلت البشرية على مدار التاريخ القديم والمعاصر، هي معرفة طبيعة النفس البشرية، لكي يتم فهمها وتقويمها ولحماية الإنسان، وبخاصةٍ فهم الانفعالات البشرية من مشاعر مثل الحُزن والخوف والحُب والفرح، ولأن الإنسان يحيا حياته بتلك الانفعالات الكثيرة المتناقضة، ويقضي عُمره في البحث عن انفعال أساسي وهو (الفرح)، ويهرب من الحزن والهم، ولأنه في رحلة حياته بهذه الطريقة لا يعطي لأفراحه ولا أحزانه حجمها الطبيعي حتى تنعم حياته بتوازن طبيعي قد فطره الله عليه، فقد استند الكاتب هنا في كتابه عن مفهوم الفرح المحمود والمذموم في القرآن الكريم، ودوافعهما النفسية، وآثارهما السلوكية في حياة الإنسان.
مؤلف كتاب الفرح في القرآن الكريم (دوافعه النفسية وآثاره السلوكية)
يوسف علي حسن بدر: أستاذ في التفسير، وإمام وخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت.