المحتويات
الفرح الكامل وفرح الحياة
إنه إذا ما تمَّت الإساءة لنا بشدة وإذا رفضنا من دون سبب وعلى وجه خاطئ أحيانًا، فإن في هذه اللحظة يكون قد حان الوقت لترك كل شيء، فلا تعد هناك أهمية للغضب والحزن والحقد، وإذا استطاع المرء أن يتخَّلص من هذه المشاعر العدوانية فإن سيكون في فرح كامل.
إن شخصية الإنسان تتمحور حول سلطتين: الأولى هي الذات، والثانية هي الذهن، أما الذات فإنها ترتبط بما نشعر به عفويًّا من تجاذب وتنافر: أحب ولا أحب، وهذا الأمر إنما يهدف إلى بقاء الإنسان على قيد الحياة، وأما الذهن فإنه يساعد على بقاء الإنسان على قيد الحياة أيضًا، فيساعده على التفكير وتفسير الأحداث وتقديم المبرِّرات لها، فيجعلنا نتقبَّل الواقع ونتأقلم معه مما يؤدي إلى استمتاعنا بالحياة.
إن الفرح الكامل ليس مكافأة نحصل عليها، وإنما هو نعمة تصاحبنا طوال طريق الحرية والحب الذي نقصده، وإننا نعيش أفراحًا خالصة كاملة في كل مرة نضع فيها أذهاننا وذواتنا جانبًا، وننسجم مع العالم في تناغمه حتى نحصل على اليقظة.
في إحدى قصص إميل زولا نرى أن بطلة قصة ما كانت ترغب في نقل فرحها بالحياة إلى الآخرين، على الرغم من صعوبة حياتها نفسها، وهذا الفرح في نظرها كان (حبًّا للحياة… الحياة المقبولة… الحياة المحبوبة بما فيها من دون اشمئزاز ولا خوف… إنها الحياة المرحَّب بها حيث يصدح نشيد العافية).
إننا نرى هذا الفرح التلقائي بالحياة لدى الأطفال قبل أن يعتريهم قلق الحياة ومشكلاتها، فنجدهم غارقين في حياتهم ولهوهم الخاص إلى أن تنتهي هذه المرحلة العمرية ثم لا يشعرون بهذا الفرح، ونجد هذا الفرح أيضًا لدى الحكماء الذين استطاعوا التغلُّب على المصاعب والاستمتاع والفرح بهذه الحياة، وكذلك الذين يحيون حياة بسيطة طيبة كبسطاء الناس ممن ليس لديهم ما يعكِّر عليهم صفو حياتهم.
إن المجتمعات المادية الحديثة اهتمَّت بتوفير سبل اللذة والراحة للبدن وغفلت عن أسباب الفرح، فقدْ فقدَ فيها الإنسان فرحه بما لديه وما يعنيه من استقبال تلقائي للحياة كما هي.
الفكرة من كتاب قوة الفرح
ينشد الإنسان في حياته الفرح ويطلبه، لأن الفرح يحمل في ذاته قوَّةً تحرِّك الإنسان نحو ما يحبه، فهو تأكيد للحياة، وهو الوسيلة التي نتيقَّن من خلالها من حقيقة وجودنا ونتذوَّق عبرها هذا الوجود.
يناقش فريدريك لونوار مسألة الفرح من منظور فلسفي، والفرق بينه وبين اللذة والسعادة، وهل يمكن للإنسان الوصول إلى فرح دائم؟
مؤلف كتاب قوة الفرح
فريدريك لونوار Frédéric Lenoir: كاتب فرنسي، ولد في مدغشقر عام 1962.
من كتبه ومؤلفاته:
فن الحياة.
رؤى لونا (رواية).
الحكمة لمن يبحث عنها.
في السعادة.. رحلة فلسفية
الموضوع التالي
