الفجوة بين الحكومة والمعارضة
الفجوة بين الحكومة والمعارضة
إن الفرق بين المشتغل بالسياسة والمفكر السياسي كالفرق بين الموظف الحكومي والمعارضة، فالموظف المشتغل بالسياسة مهمته الوحيدة تنفيذ الأوامر، أما المعارضة وعلى اختلاف توجهاتها السياسية فهي ذات تصور سياسي مستقبلي لما تريده لمصر.
إن المعارضة تدرك مشكلات مصر المعقدة وتستمر في لفت النظر إليها وتقديم الحلول لها ولكن لا أحد يلتفت إلى مجهوداتها، بل تستمر الصحف الرسمية في اتهامها بتصيد الأخطاء وعرقلة سير الحكومة وإساءة استخدام الديمقراطية وتزييف الأوضاع، على الرغم من أن مجرد توجيه النقد لمساوئ الإدارة يعتبر بداية الحل، حتى وصل الأمر إلى تلويث سمعة كتاب وأدباء عظماء، كيوسف إدريس وهيكل، ووصفهم بالملحدين لمجرد انتقادهم لعصر السادات بل وصل الأمر إلى مصادرة أعمالهم. كما أن النقد الذي وجهته المعارضة لحكومة مبارك لم يكن على التزامها بعلاقات خاصة مع أميركا ومعاهدة كامب ديفيد واعتمادها لسياسة الانفتاح، بل على ما نتج عن تلك السياسة من تسيب اقتصادي وفساد وسوء توزيع للدخول والثروات، ومع ذلك لم تغفل المعارضة عن رفع معنويات المواطنين وحثهم على الإصلاح، ولكن ما أرادته الحكومة والصحف الرسمية من المعارضة هو أن تتوقف عن النقد وتلتزم الصمت، لتجنب إغضاب الحكومة.
وأفضل مثال يجدر ذكره على المعارضة الذكية والمؤثرة هو “ثلاثية علي سالم المسرحية” التي سلطت الضوء على القهر الذي تمارسه الحكومة على المواطن المصري، المتمثل في التجسس على المواطنين المخلصين كما في مسرحية “الكاتب في شهر العسل”، والبيروقراطية كما في “المتفائل”، وتعمد أصحاب السلطة تغييب المواطنين عن الواقع كما في “الكاتب والشحاذ”.
الفكرة من كتاب الاقتصاد والسياسة والمجتمع في عصر الانفتاح
إذا رمزنا إلى الدولة بمثلث ذي أضلع ثلاثة، فإن هذه الأضلع ستكون السياسة والاقتصاد والمجتمع، وكل ضلع يؤثر في الضلع الآخر، ولأن السياسة هى المحرك الأساسي فإنها تؤثر في الاقتصاد الذي يمتد تأثيره في المجتمع، لذلك يتطلب صنع السياسات الاقتصادية سياسيين ذوي رؤية مستقبلية ومبدأ ينير لهم طريق الإصلاح، فإذا صلحت السياسة العامة للدولة صلح الاقتصاد، ومن ثم يسود مناخ اجتماعي مستقر وهانئ.
هنا يأتي دور الكتاب في مناقشة وتحليل السياسة العامة في عصر الانفتاح وتأثيرها في الاقتصاد والمجتمع، وهل كانت السياسات الاقتصادية في ذلك الوقت ناجحة أم فاشلة؟ وكيف كان تأثير الانفتاح في هيكل المجتمع المصري؟ كل هذه التساؤلات وأكثر سنجيب عنها هنا في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الاقتصاد والسياسة والمجتمع في عصر الانفتاح
جلال أمين: هو عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، ولد عام 1935، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1955، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن. شغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1965، ثم عمل مستشارًا اقتصاديًّا للصندوق الكويتي للتنمية عام 1978، كما عمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا وأستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتوفي عام 2018.
من أشهر مؤلفاته: “ماذا حدث للمصريين؟” “كتب لها تاريخ”، “المثقفون العرب وإسرائيل”، و”قصة الاقتصاد المصري”.