الفجوة الرقمية
الفجوة الرقمية
لم تعد التكنولوجيا اليوم مجرد أدوات أو تقنيات تطور الأعمال فقط، بل أصبحت سترة النجاة المستقبلية، فالطوفان التكنولوجي قادم لا محالة، والاتصال الرقمي اليوم هو ما يُبقي الناس والحكومات والشركات مترابطين، لا سيما في أوقات الأزمات، من الكوارث الطبيعية إلى الجوائح والأوبئة، ولعل جائحة كورونا (كوفيد 19) خير مثال على ذلك، فالتلاحم المجتمعي بفضل وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت بلا شك على تخفيف الآثار السلبية للجائحة سواءً على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي.
وإذا كانت الأمر على هذا القدر من الأهمية، يصبح هذا الاختلال بين الدول المتقدمة والنامية في الاستفادة من التقنيات الحديثة في المجالات التكنولوجية بمثابة صراع على الوجود، فإذا كانت الدول الفقيرة تعاني شتى مظاهر التخلف العلمي والاقتصادي والثقافي، فإن التخلف التكنولوجي من شأنه أن يعمق تلك الفجوات المجتمعية بين مختلف دول العالم، فهو من ناحية سيعمل على زيادة ثراء ورفاهية الدول الغنية نتيجة زيادة معدلات الإنتاج، ومن ناحية أخرى سيؤدي إلى زيادة الاختلالات الهيكلية في الدول التي لم تستطع أن تجاري الثورة التكنولوجية القائمة اليوم، والتي حتمًا سيجرفها الطوفان.
فضلًا عن أن القوة المادية للدول الرأسمالية الكبرى إذا تضافرت مع الثورة المعرفية الناتجة عن التقدم الكبير في تكنولوجيا المعلومات، فسيؤدي ذلك إلى المزيد من سيطرة هؤلاء الأغنياء على مصائر البشر من فقراء العالم، وهكذا تزداد إشكالية الحدود الطبقية بين مختلف الدول، فدائمًا ما انحازت الأنظمة الذكية إلى الطرف الأقوى في المعادلة على حساب الطرف الضعيف، ومع أن تطورها المتسارع يفتح آمالًا عريضة للبشرية إلا إنه في الوقت نفسه يستحدث المزيد من التحديات والمخاوف الجديدة التي لم تكن في الحسبان، وهذا يستلزم الحفاظ على نظرة استشرافية متجددة للمستقبل لرصد كل المتغيرات التكنولوجية المرتقبة وتحليل الآثار المتوقعة، ومن ثمَّ استباق الأحداث والاستعداد لاقتناص الفرص المستقبلية أو تدشين الأنظمة الوقائية اللازمة ضد الأخطار المحتملة.
الفكرة من كتاب الفجوة الرقمية.. رؤية عربية لمجتمع المعرفة
تعد الفجوة الرقمية البادية أمامنا اليوم مثالًا صارخًا على مدى حدة أزمة العقل العربي، في ظل عجزه عن مواجهة العديد من المشكلات في مختلف المجالات، نتيجة ترسيخ عقدة التخلف الحضاري بيننا وبين الغرب، ولكن يظل هناك بعض الأمل، فكل أزمة تنطوي على فرص لا تتيح فقط إمكانية الخروج منها، بل تدفع إلى الانطلاق واللحاق بمن سبقوا، من هنا تنبع أهمية هذا الكتاب حيث يستشرف المستقبل، ويوقفك على جذور المشكلة الرقمية التي يحياها العالم العربي، كما يحاول طرح الحلول الواقعية للخروج من تلك الأزمة والاستفادة منها.
مؤلف كتاب الفجوة الرقمية.. رؤية عربية لمجتمع المعرفة
الدكتور نبيل علي: دكتوراه في هندسة الطيران، رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وله أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها: “اللغة العربية والحاسوب”، و”العرب وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.
الدكتورة نادية حجازي: دكتوراه في هندسة الحاسبات، وتعمل أستاذة بمعهد بحوث الإلكترونيات، المركز القومي للبحوث، كما عملت مستشارة بوزارة الاتصالات والمعلومات ووزارة التعليم، وعضو اللجنة الاستشارية لتنمية أفريقيا في مجال الاتصالات والمعلومات، ولها العديد من البحوث والدراسات في مجالات اللغويات الحاسوبية وهندسة الاتصالات والترجمة الآلية ونظم استرجاع المعلومات والبرمجيات التعليمية.