الفتح الإسلامي
الفتح الإسلامي
بدأت العمليات الاستطلاعية لتونس في عهد الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وقد أسندت هذه المهمة إلى والي مصر آنذاك عبدالله بن أبي السرح، وفي هذا الوقت كانت تونس تسمى بـ”إفريقية”، وكانت ترزح تحت السلطة البيزنطية في بعض المناطق، وتحكمها أحلاف قبلية بربرية في مناطق أخرى، وسميت هذه الغزوة في مواجهة الجيش البيزنطي بـ”غزوة العبادلة”.
بعدها ونتيجة للفتنة الكبرى، فقد توقَّفت الحملات العسكرية حتى تمكَّن المسلمون في خلافة معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) من الاستقرار في جبل القرن وإرسال السرايا إلى سوسا وجلولاء بالقرب من القيروان بقيادة معاوية بن حديج السكوني، ثم تم تعيين عقبة بن نافع الفهري على رأس إفريقية -تونس- سنة 50 هـ/665م، فتوجه إلى تونس بجيش من عشرة آلاف مقاتل، وبنى معسكرًا في القيروان، وأرسل منه السرايا لتوطيد الحكم الإسلامي، ونشر الإسلام بين البربر.
استطاع الفهري كذلك، هزيمة البربر والروم إلى الغرب لكن تم قتله وأصحابه في تاهودا، ما تسبَّب في هزيمة المسلمين وخروجهم من القيروان، وكذلك قتل زهير بن قيس العلوي في الصراع ضد الروم والبربر.
بعد مرور زمان، أُسنِد إلى حسان بن نعمان الغساني ولاية كل المغرب عام 75هـ/ 694م فتمكن من دخول قرطاج وطرد الروم منها وقتل قائدة البربر الكاهنة دهياء بنت ثابت بن تيفان، وعاد إلى القيروان للسيطرة على إفريقية تمامًا، وتنظيم البلاد، وإدخال البربر في شكل منظم في الجيش ليسهل دمجهم مع العرب في إطار الإسلام.
ثم في عام 86 هـ/ 705م تولى موسى بن النصير بلاد المغرب كولاية مستقلة وعاصمتها القيروان لتصبح بذلك بوابة للانتشار نحو باقي بلاد المغرب والأندلس، وكذلك فقد تم استبدال قرطاج بميناء تونس كمركز لانطلاق الغزوات إلى صقلية وجنوب إيطاليا، ولاحقًا فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد، ومع ذلك فرغم إنشاء العديد من مراكز تعليم الدين الإسلامي فإن بُعد المدينة عن مهد الإسلام في الشرق أدى إلى انتشار الفرق الإسلامية التي لا تنتمي إلى أهل السنة.
الفكرة من كتاب قصة تونس من البداية إلى ثورة 2011م
في شمال قارة أفريقيا وبين الجمهورية الليبية من الجنوب الشرقي والجزائر من الغرب، تقع تونس أو “ترشيش” قديمًا، وتتميَّز تونس بتربتها الخصبة المحاذية للبحر في أغلب مساحتها والصحراء في أربعين بالمائة من مساحتها، وقد تعاقبت عليها الحضارات البربرية والفينيقية والرومانية والعربية الإسلامية فتركت فيها البصمات الثقافية والمعمارية.
ولأن الفينقيين قد عرفوا بالترحال والتجارة، فقد نشطت التجارة في الساحل التونسي، وبالتحديد في قرطاج، عندما أنشؤوها في القرن التاسع قبل الميلاد، وسيطرت تونس نتيجة لذلك على البحر المتوسط وحقَّقت الثروات الهائلة، ثم أصبح لها مجلس للمدينة وجمعية شعبية وحاكمان ينتخبان سنويًّا، ومع ذلك للأسف بدأ التنافس والتضارب بين الحاكمين على السياسات، ما أضعف قرطاج.
مرت تونس بعد ذلك بعدة حروب ضد روما تسمى بالحروب البونية حتى دمرت قرطاج تمامًا، لكن يوليوس قيصر أعاد بناءها عام 44 ق.م، وأسماها مستوطنة قرطاج اليوليوسية، فازدهرت وأصبحت مصدرًا للمنتجات الزراعية ومقرًّا للحضارة الرومانية لستة قرون حتى تمكن القائد المسلم حسان بن نعمان من فتحها في 79هـ/698 م.
فيما يلي نحكي قصة تونس منذ الفتح الإسلامي مرورًا بالاحتلال الفرنسي وحتى الثورة التونسية في 2011م.
مؤلف كتاب قصة تونس من البداية إلى ثورة 2011م
راغب السرجاني: هو طبيب مصري من مواليد عام 1964م، تخرَّج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1988م، ثم نال شهادة الماجستير عام 1992م، ثم الدكتوراه عام 1998م، إضافةً إلى كونه أستاذًا مساعدًا بكلية الطب جامعة القاهرة، وهو رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة.
عُرِف عن راغب السرجاني كذلك كونه مفكرًا إسلاميًّا مهتمًّا بالتاريخ الإسلامي، وهو صاحب الفكرة والمشرف على موقع “قصة الإسلام” المعني بهذا الموضوع، وقد أطلق مشروعه الفكري تحت شعار “معًا نبني خير أمة” على أساس فهم التاريخ الإسلامي فهمًا دقيقًا واستنباط عوامل النهضة منه.
صدر له العديد من الكتب في التاريخ والفكر الإسلامي مثل:
كتاب “إلى شباب الأمة”.
كتاب “فلسطين لن تضيع كيف”.
كما قدَّم العديد من البرامج عبر الفضائيات العربية، وله العديد من المحاضرات المسجَّلة كذلك في مواضيع السيرة والتاريخ وغيرها.