الفتاة المراهقة
الفتاة المراهقة
ربما كان البلوغ هو الحدث الأهم في حياة الإنسان، فهو يعني الدخول إلى مرحلة جديدة تضجُّ بالانفعالات والتقلُّبات، لذلك فإن الوعي بما يخصُّ هذه المرحلة مهم شرعًا حتى تعرف الفتاة ما لها وما عليها وتعرف الأحكام الدينية التي يجب اتباعها، كما أنه مهم طبيًّا لكي تستطيع البنت أن تعرف نوع الغذاء والعلاج للتعامل مع هذه المرحلة التي تؤثر في بدنها وفي نفسيتها وظروفها.
وتصاحب مرحلة البلوغ والمراهقة التغيُّرات النفسية والشخصية، فتميل الفتيات إلى الرغبة في إثبات الذات وربما التمرد على بعض الأنظمة، وهي بذلك تريد أن تبعث برسالة مفادها أنها أصبحت امرأة مستقلة وليست طفلة، وهذا الشعور بالأهمية هو شعور فطري راسخ، وربما يقف وراء الكثير من الإبداعات والإنجازات والأعمال الجليلة، ولكن يجب الحذر لأن الغرارة والحداثة وقلة التجربة قد تجعل الفتاة تصدِّق كل ما تسمعه من الآخرين، فالكثير مما نشاهده من الفتيات في هذه السن المبكرة ليس مقصودًا بذاته إنما هو من تجليات هذه المرحلة العمرية ومتغيراتها.
لذلك فإن الفتاة في هذه السن تحتاج إلى القدوة الحسنة من النساء حولها، وإلى الصداقة مع أمها، كما أنها تحتاج إلى الاعتراف بها واحترام خصوصيتها وشخصيتها المستقلة، ومن ذلك الشورى، فهي تدرِّب الفتاة على التعقُّل ورؤية المصالح المستقبلية وتقديم شيء على شيء، وترك شيء لأن هناك ما هو أولى منه، والملاحظة الشخصية تبين أن الأسر التي تتمتَّع بالهدوء واللطف في المعاملة يتسم أبناؤهم وبناتهم بالاتزان والاستقامة، بينما يميل أبناء الأسر القاسية إلى إيجاد مهرب لممارسة الأشياء بعيدًا عن عيون الآباء والأمهات، فالذين يمارسون تحقير الآخرين وازدراءهم ومصادرة شخصياتهم لن يجنوا من ذلك سوى الشوك والعلقم سواء كانوا مسؤولين أو مربين أو آباء، أو غير ذلك.
وهذا الحرص على إشعار الفتاة بأهميتها مهم لأن المناخ الذي يحتقر المرأة مناسب لدعوات التغريب باعتبارها ملاذًا من الظلم الاجتماعي، فكثير من دعاية تحرير المرأة ردَّة فعل لبعض العادات والأوضاع التي ليست من الإسلام في شيء لكنها من آثار الجاهلية الأولى.
الفكرة من كتاب بناتي
في رسالة لإحدى بناته، يعبِّر سلمان العودة عن تفهُّمه لآثار الظروف المحبطة المحيطة والنماذج السيئة التي تصد عن سبيل الله، والفهم المؤدلج الذي ضيَّق سعة الدين وغيَّب المفهوم الإنساني للحياة وللدين معًا، لكنه مع ذلك يؤكد أن العنف الذي يمارس باسم الله سواء كان أسريًّا أو اجتماعيًّا أو دينيًّا هو عدوانية شخصانية تدَّعي التديُّن بينما الدين رحمة وسماحة.
من هذا المنطلق يوجِّه العودة كتاب “بناتي” إلى البنات في كل الأعمار، ويطمح أن يصل إليهن سالمًا من العيب والنقص، فيقدِّم لهن النصائح من خلاصة تجاربه وملاحظاته الشخصية، لكنه كذلك يناقش سؤالًا مجتمعيًّا مهمًّا، ألا وهو: إلى متى نظل نصنع المقدِّمات الجميلة عن حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام ثم نفشل في تطبيقاتها الميدانية اليومية الصغيرة في المنزل والمدرسة والسوق والمسجد؟
مؤلف كتاب بناتي
سلمان بن فهد العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “هموم فتاة ملتزمة “، كما قدم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.