الفاطميون في مصر وسقوط دولتهم
الفاطميون في مصر وسقوط دولتهم
كانت مصر في زمن ظهور الفاطميين تحت حكم الدولة الإخشيدية، ومنذ بداياتهم حاولوا الاستيلاء على مصر، فأرسلوا إليها حملاتٍ عسكريَّة تصدَّت لها الدولة الإخشيدية، إلا أنَّ الدولة الإخشيدية بعد موت أبي المسك كافور الإخشيديَّ قد شهدت نحدارًا كبيرًا وانهيارًا اقتصاديًّا شديدًا، فانتشر الغلاء والمجاعات والأمراض في المصريين، وكثر الموت بين الناس، وأدَّت هذه الأحوال إلى سخط أهل مصر على الإخشيديين، وعرف المعز لدين الله الفاطمي بهذه الأحوال، فقام باستغلال هذه الفرصة وأرسل جيشًا فاطميًّا على رأسه جوهر الصقلي لضمِّ مصر إلى دولته.
ولم يبدِ المصريُّون أيَّ مقاومة كبيرة للفتح الفاطمي بسبب سوء الأوضاع، حتى إنهم قد استبشروا بقدوم حكامٍ جددٍ يعوضونهم عن الظلم الذي لحقهم بسبب الإخشيديين والضرائب الشديدة التي فرضوها عليهم، فجهَّز الفاطميون جيشًا كبيرًا لأخذ مصر بقيادة جوهر الصقلي وقاموا بفتح مصر ودخل المعز لدين الله الفاطمي مصر سنة 972م، لتصبح مقرَّ حكم الفاطميين حتى نهاية دولتهم.
وكانت مصر في عصر الخليفة المستنصر بالله الخليفة الفاطمي الثامن الذي كان يعد عصره العصر الذهبي للدولة، ومن بعده تعاقب ولداه وتنازعا على الخلافة، وكانت بدايات سقوط الدولة الفاطمية وانهيارها نتيجة اختلافهما وتعاقب من لا يحسن الخلافة بعدهما، فلم ﻳﻤﺾِ غير ﺟﻴﻞ واﺣﺪ ﻋﲆ قيام دولتهم في مصر حتى ابتليت بسياسة “البيروقراطية” أو تحكم الدواوين، إضافةً إلى ما ابتليت به من سياسة الحريم؛ وكان السبب في هذا ولاية بعض الخلفاء وهم في سن الطفولة لم يبلغوا بعد مبلغ الرجال فركنوا إلى حياة الترف، وقنعوا بجلب المال إليهم كما يريدون، فتحكم بعض الطغاة من رؤساء الدواوين والوزراء واستباحوا جمع الرشوة وفرض المزيد من الضرائب والإتاوات، والمصائب ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﺮادى ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎل؛ فكانت المجاعة تهدِّدهم من الداخل وﻫﺠﻮم الصليبيين وغيرهم من الخارج، ما أدى إلى إصابة الدولة بالعجز.
وفي ذلك الوقت ﻛﺎن ﺑﻨﻮ أﻳﻮب ﻗﺪ أﺧﺬوا ﺑﺰﻣﺎم اﻟﺴﻠﻄﺎن ﰲ ﻣﴫ ﻗﺒﻴﻞ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ، واستمرَّت الخلافة بعد ذلك حتَّى كانَ آخر خُلفاء الدولة الفاطميَّة هوَ العاضد عبدُ الله أبو محمَّد، ومن بعده كانت نهاية دولته في وقتها لصالح الحاكم الأيوبي صلاح الدين، الذي أنهى الدولة الفاطمية.
الفكرة من كتاب فاطمة الزهراء والفاطميون
يتناول هذا الكتاب سيرة سيدة سليلة شرف لا تنازعها فيه واحدة من بنات حواء، سيدة أخذت مكانها الرفيع بين أعلام النساء على مر التاريخ، وهي السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ﷺ، ويعرِّفنا العقاد بها ابنةً وزوجةً للخليفة وأمًّا للشهداء، ويطالعنا على أبرز محطات حياتها ومواقفها عن قرب منذ النشأة حتى الوفاة، ويعرفنا تاريخ الدولة الفاطمية والعلاقة بينها وبين الإسماعيليين والعباسيين منذ بداية الدولة الفاطمية حتى نهايتها وأبرز أحداثها الفارقة.
مؤلف كتاب فاطمة الزهراء والفاطميون
عباس العقاد: كاتب ومفكر ومؤرخ مصري، وُلِد بأسوان عام 1889، لُقِّب بالعقاد نسبة إلى جده الذي كان يعمل بأحد مصانع الحرير، ولم يحصل من الشهادات إلا على التعليم الابتدائي، ولكن ظهر نبوغه في مجالات مختلفة بسبب عكوفه على القراءة والتثقيف الذاتي، فكان يكتب في السياسة والفلسفة والأدب والنقد والشعر وتراجم الأعلام ومشاهير الفكر.
وقد نال عضوية مجمع اللغة العربية، وكان عُضْوًا مُراسِلًا للمجمع ببغداد ودمشق، كما منحته جامعة القاهرة الدكتوراه الفخرية، ولكنه رفضها مثل جائزة الدولة التقديرية، وأسَّس مع المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة “الديوان”، ومن أشهر مؤلفاته: سيرته الذاتية “أنا” وسلسلة “العبقريات” و”ساعات بين الكتب” وغيرها، وله رواية واحدة فقط بين كل مؤلفاته وهي “سارة”.