الغزالي.. النشأة والتكوين
الغزالي.. النشأة والتكوين
هو أبو حامد محمد بن أحمد الطوسي الغزالي نسبة إلى مهنة والده حيث كان يعمل غزالًا، وقيل نسبة إلى غزالة البلد الذي ولد فيه بطوس، وهي مدينة بخراسان تقع شمال شرق إيران، سنة أربعمائة وخمسين من الهجرة، في بيت متواضع الحال، تُوفي والده وهو لا يزال صغيرًا هو وأخوه، وكان قد أوصى أحد أصدقائه بهما، فعلَّمهما الرجل بعد أن ظهرت أمارات نبوغ أبي حامد والذكاء في صباه، وبعد تلقيه الفقه ببلدته طوس رحل إلى جرجان لطلب العلم.
وفي أثناء عودته اعترض طريقه قطاع الطرق وأخذوا ما معه بما في ذلك كتبه التي هاجر لسماعها ودوَّنها في رحلته، ولما مضوا تبعهم، فلما رأوه قالوا له: ارجع ويحك وإلا هلكت، فقال لأحدهم أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد عليَّ تعليقتي فقط التي هاجرت لسماعها ومعرفة علمها، فضحك الرجل وقال: كيف تدَّعي أنك عُلِّمتها وقد أخذناها منك، فتجرَّدت من معرفتها، وبقيت بلا علم؟ ثم ردوها إليه، ومنذ ذلك الموقف أقبل الغزالي على أن يشتغل بحفظ جميع ما كتب في رحلة طلبه، بحيث لو قُطِع عليه الطريق أو سُرق لم يتجرَّد من علمه، وتلك كانت نقلة كبيرة فارقة في حياته.
بعدها سافر إلى نيسابور عاصمة السلاجقة وقتها، وثاني مدينة للعلم بعد بغداد وجدَّ واجتهد في المذاهب والأصول والخلاف والجدل، حيث كانت هذه هي العلوم السائدة في عصره، وهناك لازم إمام الحرمين ولفته اجتهاد الغزالي وأعجب بذكائه وظل الغزالي ملازمًا شيخه حتى تفوَّق على كل أقرانه وقتها، وكان عددهم أربعمائة فاقهم جميعًا، وأصبح نائبه، ولما مات إمام الحرمين، وذاعت شهرت الغزالي في مجلس الوزير نظام الملك وتفوَّق على العلماء والمناظرين في مجلسه ولاه الملك التدريس بالمدرسة النظامية، وهي وقتها غاية ما كان يطمح إليه العلماء من مناصب عليا، ولم يكن يتقلَّد أحد هذا المنصب في سن مبكرة مثله مما كان من أكثر أسباب شهرته وذيوع صيته.
الفكرة من كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
أبو حامد الغزالي علوم اجتمعت في عالم، وأشخاص اجتمعت في شخص واحد، اختلف حوله القدماء والمحدثون، بين ناقد ومادح، ومؤيد ومعارض.. لقي عناية كبيرة من الإسلاميين وغيرهم من الغربيين والمستشرقين.
يضم هذا الكتاب بين دفتيه ترجمة وسيرة حياة حجَّة الإسلام أبي حامد الغزالي ومنهجه في الإصلاح والتجديد وجهوده التي قام بها في خدمة الدين والعلم، وأبرز محطات حياته والتغيرات الفارقة فيها، يُعرف الكتاب بنسبه ومولده وظروف نشأته ورحلته التي قضاها في طلب العلم واجتهاده فيه، مرورًا بالتحولات والأحداث التي غيرت مجرى حياته حتى ذاع صيته وشهرته، ثم عُزلته وبداية اشتغاله بالتصوُّف وجهوده في الإصلاح.
مؤلف كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
علي محمد محمد الصلابي: كاتب ومؤرخ من مواليد 1963 بنغازي ليبيا، تخرج في كلية أصول الدين والدعوة بالمدينة المنورة، ونال الماجستير في التفسير وعلومه من جامعة أم درمان، ثم نال الدكتوراه في الدراسات الإسلامية برسالته في فقه التمكين في القرآن عام 1999، والتي طبعت في كتاب بعد ذلك.
له العديد من المؤلفات في التاريخ والسير، منها: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط – صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي – موسوعة الحروب الصليبية، والعديد من الكتب في سِيَر الخلفاء والقادة.